عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-03-2011, 03:51 AM
الصورة الرمزية أنهار
أنهار أنهار غير متصل
R i v e r s
 
معلومات إضافية
الانتساب : Mar 2009
رقم العضوية : 43306
المشاركات : 28,192
   الجنس: الجنس: Female
  علم الدولة: علم الدولة Saudi Arabia
Sq Silver Blush إذا صَـدَقَ الـقَـلـب..!

إذا صَـدَقَ الـقَـلـب..!,أنيدرا



رجاء محمد الجاهوش




حَزَمت " نَبيلة" أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ
شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في
ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها،
تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًا.


اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ
مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا، لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز،
فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء الليالي!

نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات،
ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلةفي جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاً.


" يا حسرتى..!

لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق
به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي
وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا."

هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّت الصَّدقة واتخذتها ذلك
الخبء من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظت بحصَّالة صَغيرة
بين أشيائها لكي لا تصل إليها عيون الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث
النَّـوايا بشوائب الرِّياء.

أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا
الشَّهر الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَت ودعَت الله ألَّا يحرمها فضل الصَّدقة في هذا
الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّـة..!


ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب (رياض الصَّالحين) قرأت حديثًا أزاح عنها بعضًا
من الحزن الذي سكن فؤادها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق
القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً يصعبُ عليهِ
ـ بعد ذلك ـ تركها، أو نقض عهده معها..!


عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ.
وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ
. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئ مِنْ ذٰلِكَ:
رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَىٰ».



" سأجتهد قَـدْرَ استطاعتي بَل أكثر.. اللهم عَونَـك"


يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصل...

- السلام عليكم.

- وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغالية.
- ألا تريدين الذهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟
- لقد اشتريت ثوبًا جميلا أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدة.
- لم تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفال!
- نعم، ليكون مفاجأة.
- وماذا عن العباءةِ والحذاء وغيرها من الحاجيات.
- سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبركِ إن شاء الله.
- هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويح.
- نعم، وينتظر "القطايف" وفنجان القهوة.
- حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين العشر
الأواخِر على الأبواب، ولابد من التَّـفرغ للعبادة.
- بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتق.
- اللهم آمين.


اجتمعت الأسرة حول "صحن" القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالت "نبيلة" على استحياء:-

والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنى.

ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: -
كل عام أنتِ بخير يا ابنتي.
- وأنت بخير وصحة وسلامة..!
- والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟
- بلى، بلى، يا أجمل أب.
- ماذا تريدين؟
- شراء عباءة جديدة وحذاء ـ أكرمك الله.
- وكم تريدين؟
- ما تجود به نفسك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاء.




يتبع

الموضوع الأصلي : إذا صَـدَقَ الـقَـلـب..! || الكاتب : أنهار || المصدر : منتديات أنيدرا


رد مع اقتباس