عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-06-2013, 03:23 AM
الصورة الرمزية C O F F E
C O F F E C O F F E غير متصل
سولاريتشا!
 
معلومات إضافية
الانتساب : Jul 2011
رقم العضوية : 102599
المشاركات : 8,882
   الجنس: الجنس: Male
Icon (49) [ مميز ] - رسَـائُل فِي النَّسْيَـآن/ ما بَعَد النَّهايَة ! - " قصَّة قصيْرَة "



مسآءُكم, صبآحُكم
يجدّدُ " لـ أرواحِكُم مُوعداً مَع السَّعادَة "



- أنفِض عنَ قلِبكَ غُبآر
النَّسيآنِ, وتعالَ إلى عذآبِ
الذَّكرى فِهيَ سلوَى المحبيَّن!.





" يجدُر بالقلِب, أن يبَحث عَنهُ جيِّداً
هذا ما سُوف تعرفِينُه دائِماً وأبداً, فاحملِيه
فِي قلبكِ أيْنما ذهبتِ " إيمانُكِ "
الّذِي يُرشدُكِ إلى الحقيْقَة! "



طَوت الرَّسالَة بعنايَة, انحنَت وَ اقتطَفت زَهرَة
جميلةٍ بـ أورآق بيْضاءْ صغيَرة, عقَد بسآقِها اللِّيْن
المُخضَّر الورَقة الصَّغيَرة بيَن يديَها.



كَمْ هِيَ الأيَّامُ الِّتي مرَّت ؟
هل أكمَلت أسبُوعاً؟ أكثَر مِن ذلِك بكثيْر !
عجباً كأنَّ الوقَت يتوقَّفُ بِنا فِي المآضِي
الّذِي نريُده فقَط!



لآ يُمِكُننِي الوصُول إلى نقطةٍ أعَمقْ,
لآ يُمِكُنني احتمالُ الابِتعادِ أكثَر.. نقطةٌ أخرى
وسترديني فِي الهاويَة, خطوةٌ واحدةٌ وسـ يُنهِكُني
البَعد!.



تذَّكرت قبل أيَّام كيَف
استدارَت, كادَت تعُود, نحُو الزَّقآق المُظلِم,
لآ يكفيَها لُتدركَ " المُوت " جسدٌ متجمّدٌ بارِد!.
لآ يكفِيهآ ملامُح صامتةٌ وَ دمٍ توقّف عن التّدفُق وقلبٌ
ما عادَ ينبِض.



ليَتنآ نُودُع الذَّكرياتٍ, كـ قنآنِي الرًّسائِل
الزَّجاجيةِ بجانِب توابيت " المُوتى " لـ ترَحل مُعهم
وننَعم نحُن بالنَّسيآن.



- يآ آنسَة !, هل تريديَن شيْئاً مَّـا ؟



فاجئَتها الطَّبيْبُة الِّتي خرَجت للتَّوهَا مِن
ثلَّاجةِ المُوتَى بيَنما وقَفت هِيَ خارَج بابِها,
ويدُها معلٌّقةٌ على مقبِض البآبِ البارِد.


نفتَ أيَّ شيءٌ تريدُه مِن ذلِك المكآنِ بإيماءةٍ
مِن رأسِها, ومضَت تجرُّ خطواتُها, أنفاسَها, تنهيدَاتها
ولكِن ليَس دمُوعها, فقَد تجمَّد ذلِك مِنذُ وقتٍ طويْل.
أبعَد حتَّى مِن " فقدٍ مُتوقِّعْ!"


" ليَت الإيْمآن " يُورُد النّسيآن
ليتَ الحبَّ مصحوبٌ بمخدِّرٍ يُطلِقنِي نحُو الحيآةِ
يفكُّ قيدِني عنِ المُوتِ المصحُوبِ بفرآقكِ حيَّاً
وَ الابِتعادِ عَنك إلى الأبِد حيَن غآدرَت الحياةْ.!

لـيتنِي أجُد السَّبيْل.



" سـ تتسآءلِين كثيْراً, أيّ طريقٍ أسلكُه بعدَك!؟
أيَّ دربٍ يودِي بِي إلى النَّسيآن ؟ .
حسناً أسوأُ ما فِي الّذَكرياتِ أنَّها تبُرمُ اتَّفاقاً
مع مشآعرَنا, والأخيرةُ هِيَ الِّتي تحدُّدُ ما يطُوى وَ مآ
يبقَى , لذآ .. لآ تبحثِي عن النَّسيآنِ, وابحِثي عَمَّا
فِي قلبكِ فقَط "




ابتسَمت, حيَن تلَّقت تلَك الرَّسالَة فِي بريدَهآ,
كان قَد خطَّط لـ بعثِها, كان ذلِك قبَل أيَّامٍ مِن الفرآقْ!
أغلَقت الصَّفحةَ فلْم يظَهر لهَا سوَى انعكاسُ ملامِحها,
يطوِي الكثيَر, يُظهرُ الكثيَر ويهيْمُ بحيْرةٍ, لم تعرِفْ مِنهآ
ملاذاً, ولا عنَها مخرجاً.. يبُعدها إلى كنفِ الهدايَة, يُودِي
بها إلى دربٍ تسلكُه.




***



ليَت لـ الفقِد ترياقاً يشفِي مِن
الوَجع, يمحُو آثارُه الجانبيَّة عنِ الرَّوِح والجسَد,
ليَتني أجدُ بيَن وجُوه العابرِين فرصةً واحدةً
لـ " البدءِ مِن جديْد " .




كانت الضَّوضاءُ عزفاً نشازاً يُنآقُض اللَّحَن
الحزيَن الّذِي يتهآدى بيَن أوتارِ قلِبها فِي تلَك اللَّحَظة,
بدَت وجُوه العابريَن كـ " ثقوبٍ سوداءْ " تهِوي بِها إلى
الذَّكرياتِ والشَّوقِ, وترمِيها فِي قعِر الوحدةِ فقَط!.


خطوآتُهم السرَّيعةُ ترمي بِها إلى الخلِف,
تأخذُهم سريْعاً.. وتترُكها تغَرقُ أبعَد فِـ أبعَد
فِي " محيطٍ واسعٍ مِن الماضِي العتيْق " .



وصَلت إلى الحديْقةِ المنشُودَة, لآمسَت
الأرجُوحَة الأقَرب إلَى يدِها, جلسَتْ عليَها حرَّكت جسَدها إلى
الأمام مرّةً وإلى الخلِف مرةًّ أخرى, ببُطءْ .. شيْئاً فشيْئاً
زادت السَّرعَة, وفِي كلِّ مرةٍ تُغمضُ بِها عينيَها تتمنَّى
لُو ترتفُع نُحو السَّماءِ بلآ عوَدة.



لكنَّها حيَن تفتُحهما, تلُكمآ العينيَن الرَّماديَّتيْن
الشَّاحبتيْن, تعُودآن بِها قسْراً إلى الشَّجيرآت والأرِض
والبَشرِ, والحديْقةِ ساكنةِ الملامِح كـ قفصٍ مُسآلِم.



امتَّدتْ يدٌ قيَّدها خيطٌ يؤدّي إلى بالونٍ معلِّقٍ
فِي الهواءْ, ابتسَم الَّطفُل وردَّد :


- شخصٌ قآل إنَّكِ ستشتآقيْن لـ المكُوث
هُنآ, حيَنها علَّي أن أعطيكِ هذَا !




أمسكَت البآلُون, فكَّت الرَّسالةَ المطَّويةَ
أسَفله, نفضَت عنَ رُوحها غبُآر الحُزِن وقرأت :



" حيَن تصلُكِ هذِه سيكُون هذا هُو شهَر
نيْسآن, وسأكُون قدَ أتمْمُت شهراً كاملاً !
مُذهْل صحيْح.. لكنَّ تلَك الأّيَام لآ تضمِي ثقيْلةً
مِن فرآغ, ولآ لـ تزيْدكِ ألماً فقَطْ.

إنَّكِ تحلَّين الأحجَية, تفتشَّينْ فِي قلبكِ,
وهذا هُو سببُ قدُومكِ إلى الحديْقةِ الآن مِن الجيِّد
أنْ تخرُجِي فالهواءُ الطَّلقُ مِن شأنُه أن يصنَع أفكاراً
جديدةً ويفتَح أبواباً مغلقةً فِي دواخِلنا "




أعادَت الرَّسالَة, طوَتها قبَل ذلِك وكتبتْ
" لـْم أجِدهْ! " أطلَقت البآلُون البنفسجَّي فِي الهواءْ,
وقَد طآرَت تلَك الورقةُ معَهُ بعيْداً. تعآنق البالُون بطيرٍ صغيْرٍ
أفسَح لهُ الطَّريْقُ لآستِكمال رحلتِه كما فعلَت هِي.




***



" المقعدُ الّذِي تجلسَين تحتُه, ألَّا تفكّريَن
بتغييرِه يُوماً مَّا ؟ , التَّغيُيرُ مفيدٌ لـ كثيْرٍ مِن الماديَّاتِ
مِن حُولِنا, ليس هذا وحسَبْ, حتَّى القلُوب!
مفيدٌ لها أن تتألَّم, أن يعصَرها الوجُع أحياناً,
حيَن تكُون قدماكِ قد قدتاكِ إلى هُنآ فهذا يعنِي أنَّ الفيْلمَ
الّذِي انتظرناهُ قَد تمَّ عرضُه أخيْراً, أهُو جميْل ؟
ألن تقتبِسي مُنه عبارةً مَّا "



- الغدُ هُو ذلِك اليُوم الّذِي تخافُه قلُوبنآ -


كتبتْ ذلِك الاقِتبآس, خلَف الورَقة,
وضَعتها حيثُ وجدَتها فُوق ذلِك المقَعد, سحبَت
حيرَتها خارجاً. ومضَت تاركةً صالةَ العرِض المكَّتظة
بـ أطيآفِ البَشر.




حيرَة؟!,
أنَّني أغرقٌ بها الآن.. الوجَع!
إنَّه يعصرُ قلبِي دُون أن يغيَّرهُ كمآ تقُول,
دُون أن يرْميني فِي قعِر الفَرجِ, أو يأتِي إلَّي بالنّور,
مشآعرِي كـ صخرٍ جامدٍ يبدُو هُو الشَّيءَ
الوحيدَ الذِّي تحآفظُ روحِي المنهكةُ على
ثباتِه, يُوماً بعَد آخر..
بربِّكَ مالّذِي أبحثُ عَنه ؟!
ويرشدِني ؟!



كان البدُر قدَّ اكتَمل, ويديَها
استندَنا خلَف سُياجٍ حديّديِ يفصُلها عن
بحرٍ طغَى سكُون الّلَيل على زرقتِه فأحالها سواداً
صامِتاً, لآ يخترُقه سوى تهادِي المُوجِات كـ معزٌوفةٍ
تزيُد المكآن رهبةً لـ روحٍ تائهةٍ تنتهزُ مِن الصّمتِ
فرصةً لـ ترتبِّ حيْرتها المتعثَّرةَ بـ الحنيْن!



جثَت على ركبتَيْهآ, لكِنَّ ما كُتبَ
أسَفل السَّيآج, ما حُفر على الحجِر, أبقآها مُتجمَّدةً
هُنآك ...


" آقتربَت كلِماتِي مِن النَّهايَة, ألنَ
تبحِثي عَنه ؟!, ذلِك الشيءُّ المٌختبيءُ فِي قلبكِ ؟! "




تنَّهدت رفعَت رأسَها, لم تجِد فِي النَّجُوم
مواسياً, بدآ لها البدُر مُطرِقاً خجِلاً مِن تلَك
" الحقيْقةِ المجُهولَة " .





إنَّني كـ ذلك البحرِ تماماً,
أعِكسُ نُورَ البدِر وأتوارَى خلَف الظَّلام
متى ما ذَهب!,


يآ بدرِي المضيءْ, ألنَ تضَيءْ
لِي طريْقَ النَّسيآن بعَد غيابكِ ؟
فكيَف سـ أجدُه إن كُنت تنثُر رسآئَل الذَّكرى
هُنآ وَ هُناك ..


كيَف أهِوي إلى
عالمِ البشَر بعيْداً عن سمآءِكَ وأنت تسحبُني
إلى مُوتِك برسآئِل تحمُل مِن شذَى عِطرَك, وَ رُونقِ
خطَّك الكثيْر ؟



***




-النَّسيآنُ يمحُوه نكرآن الذَّكريآت,
نُكرآنُ الحبِّ نُكرآنُ الماضِي,
الذَّكريآتُ قطعةٌ مِن القلِب, لـ ننسآها
عليَنا أن ننسَى كيَف نشعُر أزآءَها



هذِه المرَّة, هذِه اللَّيلَة ..
أنا مَن سيرُسلُ إليَك أيَّها الغائبُ فِي
ظلآمِ اللَّيْل, يآ مَن تواريْت إلى عليآءِ
أحلآمكِ تاركاً لِي صخَب البشَر,



هذِه المرَّةً أنا مَن سـ ترشدُكَ
إلى حيثُ وصَلت, إلى ما وجدَّتْ !



أنا أعيُش الآن .. بيَن مشآعرِي,
فِي زاويةٍ مُظلمةٍ عوانُها فقدُكَ, لآ يُشعلها
سوى ليلٌ أحييْ فِيه ذكَرآك, أتحَّسُس فِيه ملامِحك
بيَن بقآيا الصَّور!


إنَّني أجدُ " ذلِك الشَّيءْ " فِي كلِّ
مرةٍ أبحثُ بِها عَنكَ لآ أهرُب فِيهآ مِنكْ!


إنَّني امتثُل لـ الذَّكرى, فِي
لحظِة الحُزِن العقيْمِ فتأتِيني بالفرِح
وأنا أرمُق ابتسآمَتك خلَف بوابَّةٍ تؤدِّي إلى
أحلامِي, حيثُ بقيَت هُنآك فِي زاويةٍ تفتُح نافذَةً
على ذكريَّاتِي, وتضعُنِي فِي نفقٍ ما بيَن
العالمِيْن فِي كلِّ مرةٍ يثُقلِني بها الحُزن
أو تقيَّدِني بِهآ, الأشوآقُ عَن الحيَاة..



" حــبــكَ " هُو ما وجدَّتهُ
هُو ذلِك الشَّيءُ الَّذِي أريدُه حتَّى
حيْن يوارِيكَ الثَّرَى.



هذِه المرَّةً أنا مَن ستكتُب الرَّسالةَ
الاخيَرة, وأنت مَن سيشآركُني ذلِك " الإيَمان "
بـ يُومٍ نلتقِي فِيها, حيَن أنضمُّ لـ عالمِك ولُو بعَد حيْن.




***



- أيَن سـ تجدُ ذلِك الشّيءْ ؟


- أيُّ شيءْ ؟!



- إنَّك تكتُب رسائَل الفرآقِ منذُ
شهورٍ لـ خطيْبتكِ, منذُ علِمَت بمرِضكَ يآ صديْقِي!
رسالةٌ بعد أنْ تمُوت, أخرى حيَن تصُل إلى الحديْقَة وثالثةٌ
تحت مقعَد دآرِ العرِض الّذِي تذَهبانِ إلِيه وأخيرةٌ تريدُ
منِّي حفَرها على سياجِ مكانُكما المفضَّل!



تنَّهد صآحُب الصِّوت, ولَم
يُردِ أن يبدُو قاسياً على الجسِد الَّضيْئل
فُوق الفرآشِ الأبيْض رُغم معالِم وجِهه الهادِئَة :



-إنّ هذا سيُودِي بهآ إلى الجُنونْ!


استلَقى ثُمَّ تنَّهد بتعبْ, أغمضَ
عينيَه ورَّدْد :


- ليْستَ هِيَ الشَّخصَ الّذِي تقُوده مشاعرُه
إلى الجُنونْ, حتَّى ولو بحثَت عَنه مئَة مرَّة ..
فلَن تسَمح لـ الجُنون بأن ينآل مِن الحقيْقَة الِّتي
تعيشُ بداخلَها.


- وماهِيَ تلَك الحقيْقَة ؟!


تنَّهد بنفآذِ صبرٍ بعَد أن مرَّت
دقائقُ دُون أن يحصُل على جوابْ, ربتَ على كتفِ
صديْقهِ وهَمس :



- أرجُوك أخبرِني لـ ..


لكنَ عينيِه اتسَّعتا, وقَف وقدَ
ارتجَفت يدُه الِّتي أبعَدها عن ذلِك الكِتف ببُطءْ :



- هـ هيْه!, مالّذِي جرَى لَك ؟!
أرجُوك.. أرجُوكَ استفِق حالاً ..


خطواتُه تبتعُد صوُت صرآخِه :



- سيِّدي الطَّبيْب, إنَّه يحتِضر!



يخفُت شيْئاً فشيْئاً, تعآنقُه وحدةُ النَّهايَة,
يطِوي رسالةً أخيرةٍ, فتهِوي مِن يدِه تحت فراشِه,
الأبيَض الوثيْر, رسالةٌ لن يجِدها أحَد.. رسالةٌ حيثُ تكتُمل
أنصآفُ الحقآئِق, لكلمةٍ لمْ يقُلها رُغم أنَّهما معاً منذُ
ما يزيُد عن عاميْن كاملِيْن :


" أحـبِّـك "


نَطق بِهآ, ولكِن..
ظَّلت حبيْسَة الورَق, فِي آنتِظارِ طيْر
أو حلمٍ ينقُلها إلى صآحبِتها, ينيُر عتمَة
الحيْرةِ, ويهدّيءُ مِن رُوعِ الفرآقِ, ويسقِي الذَّكريآتِ
المُجدبةِ مِن فرْطِ الوحدةُ إكسيْراً يحيْ قلَبها.






- إنَّ مَن لآ يدُركُ النَّسيان, يتُوق إلِيه
عبثاً إنَّما مَن يعِي الحبَّ فإنَّه سيؤثُر عذآبَ
الذَّكرى, على إثمِ خطيْئةِ النَّسيآنِ الِّتي لآ ترَحم.







* الحقُوق محُفوظة لِي لذآ
تحرُّوا الأمانة عنَد النَّقل فِي ذِكر اسمِي .. !

الموضوع الأصلي : [ مميز ] - رسَـائُل فِي النَّسْيَـآن/ ما بَعَد النَّهايَة ! - " قصَّة قصيْرَة " || الكاتب : C O F F E || المصدر : منتديات أنيدرا



رد مع اقتباس