عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-04-2009, 08:20 PM
الصورة الرمزية صادق النية
صادق النية صادق النية غير متصل
أنيدراوي مجتهد
 
معلومات إضافية
الانتساب : Feb 2008
رقم العضوية : 19490
المشاركات : 132
   الجنس: الجنس: male
  علم الدولة: علم الدولة Saudi Arabia
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى صادق النية
السقوط إلى .. أعلى !!

بسم الله الرحمن الرحيم



في الواقع أن الإنسان كلما كبر في العمر كبرت معه طموحاته و أماله في الحياة وكله رغبه في تحقيق ما يصبو إليه من أهداف و التي لطالما حلم بها منذ الصغر دون أن يعلم أو ربما لم يدر في مخيلته أنه على الجهة المقابلة تماما تكبر معه مسؤولياته وتعظم التزاماته و واجباته وتكثر همومه وربما مشاكله أو قل هي ضريبة عليه أن يتيقن أنه إن أراد الاستمرار في الحياة وتحقيق رغباته وطموحاته عليه من دفعها..

وهذا الأمر طبيعي فهي سُنة الحياة فالإنسان خلق في كبد فكلما كثرت مسؤولياته كثرت بالتالي التزاماته و واجباته وكلما زادت مكانته الاجتماعية زادت بتالي مسؤولياته و واجباته والتزاماته فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وربما قادته هذه المسؤوليات لبعض المشاكل أو الإشكاليات في مواضع معينة فهي نتيجة منطقية إذا ما أخذنا بيعن الاعتبار حجم المسؤولية و الواجبات ومستواها الملقاة على عاتق شخص بذاته نتيجة وصوله إلى مستوى معين من المسؤولية الناتجة بالتالي لمكانته الاجتماعية..

وربما تكون تلك المسؤوليات و الالتزامات مرهقة ومتعبة ولكن من لطف الله بالبشر بأن أعطهم القدرة على التكيف في وضع معين كما هو الحال هنا مثلا لتستمر عجلة الحياة وليكون هناك قدوة لمن سيأتي من بعد من الأجيال القادمة ....

فهناك أشخاص لديهم قدرة عالية على تحمل المسؤوليات مهما عظمت وتعاظمت ولديهم القدرة أيضا على ترتيب أولوياتهم وتنظيم أمورهم على كافة الأصعدة مما يشعرك في لحظة ما بأنهم لا يتحملون أي أعباء ولا يظهر عليهم أنهم أشخاص مسئولين أو لديهم التزامات و واجبات عن أمور كبيرة وعظيمة في ظرف زمني معين..

ولكن هناك آخرون ترهقهم تلك المسؤوليات (بغض النظر عن حجمها ) وتعظم في أعينهم وتكثر مشاكلهم وهمومهم حتى يصلوا إلى درجة اليأس والقنوط من رحمة الله ((و العياذ بالله)) فمع اشتداد وطأت الوضع عليهم يزداد كبتهم وضجرهم وينفذ صبرهم و يزيد سخطهم ثم في لحظة ما ينفجر ما في داخلهم فينتج عن ذلك ردت فعل يتخذ شكل سلوك سلبي كالانتحار مثلا أو الانتقام أو الجنون....الخ..

و ثمة آخرون قد لا يصلون إلى تلك الدرجة ولكن قد يتذمرون أو يسخطون مما هم فيه من شقاء فيرددون عبارات تعكس واقع حالهم مثل قول البعض مثلا (( ياليت الأرض تنشق وتبلعني )) كناهية عن التذمر و حالة الملل والتعاسة التي يشعرون بها جراء ما يعانونه من تحملهم لهذه المسؤوليات والالتزامات اتجاه أسرتهم أو محيطهم الاجتماعي الذي يتعايشون معه في ظروف وبيئة معينة ..

أو ربما نطق بمنكر كقول البعض : ليت أمي لم تلدني أو يلعن الدهر كالأيام أو الساعات في ساعة غضب أو جهل.. فرب كلمة يقولها الإنسان ..او يكتبها..من سخط الله ..لا يلقي لها بالا ًًً .............تهوي به في في جهنم سبعين خريفا ...

وهناك الكثيرمن الأشخاص ممن كبرت مشاكلهم و همومهم بسبب ضريبة نضوجهم يتمنون العودة لأيام الطفولة والصبا ويقولون (( ليتنا نعود إلى أيام الطفولة ما أجمل تلك الأيام ...الخ )) فهم يقولون ذلك ليس حبا في تلك الأيام البريئة بل بسبب الواقع المرير الذي يعيشون فيه والذي لا يخلو من أزمات ونكسات و آلام وانكسارات فيحاولون الهروب وتحاشي الواقع بمحاولة دس رؤوسهم في الرمال عبر التعبير عن أماني خيالية غير قابلة للتحقيق..

فهروب البعض مما هم فيه من مسؤوليات أو التزامات هو فشل وسقوط في مواجهة الحياة وكأنهم يهربون إلى الأمام حيث الرؤيا معدومة و الصورة معتمة ومشوشة أو يتمنون لو يرجع بهم الزمن والوقت إلى الوراء ليتجنبوا قدر الإمكان واقعهم ومسؤولياتهم و التزاماتهم التي قُدرت لهم ... كما لو كانوا ينتقلون إلى بعد أخر كالحياة في عالم طوبوي خالي من المشاكل ومليء بما يسعدهم ويريحهم أو العودة إلى فنرة زمنية معينة من حياتهم كزمن الطفولة البريئة..

ولكن واقع الحال لا يجعل مجال لكل هذا الهذيان والتخيلات ولكل هذه النرجسية في التفكير..
فهم بذالك يسقطون إلى الأعلى دون أن يشعروا و دون أن يدركوا أن هذا الهروب هو سقوط وفشل في مواجهة التحديات الحياتية اليومية..

فالثقة بالنفس و مواجهة الأمور بواقعية وعقلانية هي البداية الصحيحة لتكوين الشخصية السليمة للوصول إلى إرادة صلبة وشجاعة عصية على الانكسارات والهزائم قادرة على تحمل أعباء الحياة بشكل صحيح و واقعي و صبر وتحمل وهذه الأمور لا تأتي ببساطة أو بالكلمات المثالي والتشجيعية بل بالممارسة والتعود على تحمل أعباء الحياة فعلى الأهل أن يعودوا أطفالهم منذ الصغر على الثقة بالنفس لتحمل المسؤولية شيئا فشيئا حتى إذا كبروا لا يفاجئوا بأن الأمور أصعب مما كانوا يتخيلون مما قد يقودهم إلى الفشل في كفاحهم من اجل الحياة..



دمتم على خير



بقلمي~


تحياتي

الموضوع الأصلي : السقوط إلى .. أعلى !! || الكاتب : صادق النية || المصدر : منتديات أنيدرا