عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-09-2008, 01:39 AM
الصورة الرمزية صادق النية
صادق النية صادق النية غير متصل
أنيدراوي مجتهد
 
معلومات إضافية
الانتساب : Feb 2008
رقم العضوية : 19490
المشاركات : 132
   الجنس: الجنس: male
  علم الدولة: علم الدولة Saudi Arabia
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى صادق النية
Smile35 ~~{ عندما تبكي حشرة الليل}~~


أن الشعور الإنساني والعاطفة المتجلية في شخصية البشر لها أشكال متعددة .
فالعواطف و التعابير التي تظهر على وجوهنا أحيانا لها إنعكاس و تداعيات حقيقية في داخلنا مثل الفرح أو الحزن أو غيرها و التي نشعر ونحس بها..

ومن هذه العواطف " البكاء"

فالبكاء حالة فسيولوجية و هي تلك الدموع التي تخرج من مقلتينا وتلك القطرات المتلألئة التى تترقرق في العين عندما تجيش النفس بشتى الانفعالات العاطفية..
هذه السوائل التى تخرج من مآقينا حينما تُلم بنا الأفراح و الأحزان ,إنها ليست إلا سائلاً غامضاً يجعل البريق في عيوننا يستمر، إنها الدموع …

فالبكاء والذي ربما أرتبط ارتباط وثيق بالنساء والأطفال عادتاً بسبب عاطفة المرأة والتي تشتهر بها أو براءة الطفولة بنسبة للطفل الصغير، ولكن هذا لا يعني أن الرجال مستثنون من هذه القاعد وليس صحيحاً أن الرجال لا يبكون فالنبي صلى الله عليه وسلم بكى كثيراً و أبو بكر رضي الله عنه كان من البكائين وكان على خدي عمر رضي الله عنه خطين من كثرة البكاء..

وصحيح أن البكاء تتميز به المرأة عن الرجل لكثرة بكائها وبسبب عاطفتها الجياشة التي لديها و نتيجة رقتها الفطرية والتي تترجمها بحالة البكاء المتأصلة في نفسها والتي لا تجد لها تعبير أخر سوى هذا الفعل الفطري ربما, ,ولقد قيل إن الدموع سلاح المرأة الأقوى عندما تضعف الكلمة عن البيان وتقصر الحجة عن الإيضاح..

..ولكن يبكي الرجل أيضاً..

و لربما كانت محاولة الرجل دائما التماسك أمام الأزمات كمظهر من مظاهر القوة، حتى ولو كان ذلك من باب الخداع والشجاعة الزائفة ولكن قد ينهار في لحظة عاطفية أو حزن شديد فينفجر بالبكاء والذي حاول أن يكبته في نفسه وكأنه يحاول إظهار نوع من العزة والكرامة وهذه الحالة لا يستثنى منها احد من الرجال مهما بلغ من الشجاعة والقوة ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم السلام وكذلك الصحابة أسوة حسنة والذين بهم تقاس الرجولة والشهامة والقوة والعنفوان , فليس صحيح أن البكاء للنساء فقط كما يدعي البعض من الناس..

وربما البكاء هو الثيمة التي تميزنا نحن العرب بداً عن الشعوب الأخرى كوننا عاطفيون و العاطفة تلعب دور كبير في حياتنا.
.
و البكاء ليس دليل على ضعف الشخصية كما يتوهم البعض أو قلة الحيلة خصوصاً عند الرجال فبالعكس تماماً فهي دلالة على سمو النفس وكرمها..

وما أجمل البكاء عندما يكون مقروناً بذكر الله فلهذا البكاء لذة و طمأنينة وشعور براحة في النفس وأجر كبير ودلالة عظيمة على أن قلب هذا الإنسان حي ومتعلق بالله عز وجل فهذا البكاء خير من الدنيا وما فيها...

قال تعالى [ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبين من ذريه آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذريه إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا] [مريم 58 .

وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث (( سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وذكر منهم (( ورجلاٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)) فما أجمل ذالك الشعور بالقرب من الله عز وجل والتذلل له ولعظيم سلطانه وملكه ..

وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لايلج النار رجل بكى من خشيه الله حتى يعود اللبن في الضرع ولايجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ] رواة الترمزى .

و هناك حالات كثيرة يبكي فيها الإنسان.. وربما يبكي الإنسان من كثرة الضحك أحياناً , ولكن يبقى البكاء مقرون بالحزن ملتصقٌ به لا يكاد يفارقه فعندما نذكر البكاء نذكر الحزن والألم والمرارة..
يقول الشاعر مالك أبن الريب في قصيدة من أجمل القصائد التي قرأتها والتي قالها قبل وفاته :

تذكرت من يبكي علي فلم أجد= سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر محبوك يجر عنانه = الى الماء لم يترك له الدهر ساقيا

وهذه دلالة على الحزن والمرارة والشعور بالوحدة في نفس الشاعر..

وقد يكون البكاء هوس عند البعض وحالة من الهستيرية المجنونة وفي لحظة معينة ينهار إنسان من شدة البكاء وقد يفضي ذلك إلى الجنون..

وقد يبكي الإنسان بسبب حب شخص ما أبتعد عنه أو فارقه أو هجره فيشعر كما لو كان ميتاً أو شارف على الموت تخرج أنفاسه بصعوبة كما لو كان يصعد إلى السماء وتخنقه العبارات ويعصر قلبه الألم لفراق من يحب , فهو لا يملك سوى البكاء وسيلة للتعبير عن حال الألم الذي في داخله, و قد يبكي شخص بمجرد أن يفكر بمحبوبه وقد لا يشعر بالدموع وهي تنزل على وجنتيه..

يقول الشاعر :
بكيت دما يوم النوى فمسحته = بكفي فأحمرت بناني من دمِ
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة ً= لكنتُ شفيتُ النفسَ قبل التندمِ
ولكن بكت قبلي فهيجني البكى = بكاها فقلت : الفضل للمتقدمِ
بكيت على من زين الحسن وجهها = وليس لها مثلٌ في عُربٍ وأعجمِ


وقد ذكر تعاريف للبكاء منها : أنه احد التعبيرات التي تظهر على الإنسان في الظروف الصعبة التي تمر به، نتيجة تعرضه لحادث اليم او موقف محزن، او ضياع عزيز او فقدان خليل.

ومنها : بانه إنفجار يحدث داخل جسم الانسان نتيجة لبعض الضغوط او المشاكل التي قد تواجهه

وللبكاء فوائد أيضاً فقد ذكرت دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين الأمريكيين من جامعة ماركويت بولاية ميتشيجان النقاب عن أن البكاء يساعد في إخراج السموم من الجسم ، والتي يفرزها عندما يكون الإنسان تعسا أو قلقاً، والدموع تساعد على التخلص منها. حيث يقوم المخ بفرز مواد كيميائية للدموع مسكنة للألم ، بالإضافة إلى أنها تخفف من الضغط النفسي والعصبي التى يتعرض لها..
والبكاء أيضا يزيد من عدد ضربات القلب، ويعتبر تمرينا مفيدا للحجاب الحاجز وعضلات الصدر والكتفين، فبعد الإنتهاء من البكاء تعود سرعة ضربات القلب إلى طبيعتها وتسترخي العضلات وتحدث حالة شعور بالراحة، فتكون نظرة الشخص إلى المشاكل التي تؤرقه وتقلقه أكثر وضوحا، بعكس كبت البكاء والدموع و الذي يؤدي إلى الإحساس بالضغط والتوتر المؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض مثل الصداع والقرحة ,لذا ينصح أخصائيو الطب النفسي بعدم التردد في البكاء وذرف الدموع وخاصة في المواقف أو الأحداث المحزنة والمؤلمة ، ذلك أن الدموع تقوم بتنظيف وتطهير العيون من البكتيريا والجراثيم العالقة بها، ويساعد البكاء في التنفيس عن الشخص وإراحته ،وتقليل التوتر الذي يشعر به وطرح السموم الناتجة عن التوترات العصبية والعاطفية والانفعالات النفسية الكثيرة ومشكلات الحياة اليومية...

وبغض النظر عن كل ذلك يبقى البكاء شعور وعاطفة إنسانية نبيلة تعكس صفاء النفس وجمالها و مقدار الرحمة لدى ذاك الشخص الباكي..

فماذا لو فقدنا هذا الحس الإنساني النبيل؟ فماذا يبقى لنا من الإنسانية؟؟

سوف تصبح قلوبنا كالحجارة بل أشد قسوة أو ربما نصبح كالبهائم بل أقل درجه منها


:: بقلمي المتواضع ::

دمتم بحب


ملاحظة:
عنوان هذا الموضوع مقتبس من عنوان لروايه شعبية يابانية

تحياتي

الموضوع الأصلي : ~~{ عندما تبكي حشرة الليل}~~ || الكاتب : صادق النية || المصدر : منتديات أنيدرا