عرض مشاركة واحدة
قديم 22-02-2008, 05:48 PM   رقم المشاركة : 3
katren
 
الصورة الرمزية katren





معلومات إضافية
  النقاط : 19090
  الجنس: الجنس: Female
  علم الدولة: علم الدولة Saudi Arabia
  الحالة :katren غير متصل
My SMS Unable To Stay, Unwilling To Leave


أوسمتي
Smile35 ++ الجزء الثاني ++


توجهت إليسا مع صديقتها لوسي إلى الاحتفال في الشقة الفاخرة التي استأجرها إدورد صديق لوسي المقرب ...في الحقيقة شابتنا تكره مثل هذه الاحتفالات والصخب ..... لكن خروجها اليوم كان بهدف المغامرة وتحدي النفس ! فهي لم تخرج إلى الاحتفال مع الأصدقاء منذ دخولها إلى الجامعة ...

وصل الثلاثة إلى موقع الاحتفال .... تأملت إليسا في المبنى الفاخر وتنهدت ... سألت لوسي إدورد :
- إد .... هل الجميع مدعو ؟!
- نعم .... كل أصدقائنا تقريبا ...
-إذا فقد اخترت الشقة الفاخرة !
- نعم ...
- محال !
- بلى .... وقد طلبت من والدي تزويدها بكل مستلزمات الاحتفال وأدوات التدفئة اللازمة ....
- يااااه ..... كم هذا مشوق !
- لقد وعدتك باحتفال مثالي .... وأنا عند وعدي ....

كان إدورد ابن السيد جيفرس صاحب مصنع للخشب .... وكان ثراؤه فاحشا جدا !، لذلك كانت ملامحه مترفعة وحديثه بلكنة المالك لكل شيء ! .... نستطيع أن نقول أن لوسي تحب فيه هذا الثراء ... وتحب طريقته لذلك أصبح صديقا مقربا لها ...
أما إليسا كانت مختلفة جدا .... هادئة تحب التأمل وتكره الزيف ، الطبقة التي تعيش حولها لا تناسب ميولها وطريقة تفكيرها .... فقد كان الأغلبية يهتم بالمظهر ويكتفي به ....

وصل الثلاثة إلى الشقة أو بالأحرى صالة الاحتفال ... فقد عبث هذا الشاب بهذه الشقة الكبيرة وجعلها تبدو كقطعة من فندق فاخر، تزهو جوانبه بالأضواء والموسيقى الاحتفالية .... حتى الخدم وجدوا في تلك الشقة مما يعني أنه على مستوى راق وليس مجرد تجمع أصدقاء ....
وقفت إليسا ترمق المكان بنظرة إعجاب ،فقد كان رائعا جدا .... أما لوسي فأخذت تسقط وابل المديح وصرخات الإعجاب لتبدي مدى سعادتها بالمكان ....

وصل أغلب الأصدقاء بعد نصف ساعة ، وكان كل منهم يرتدي ملابس فاخرة ورسمية .... أخذت لوسي تتأمل المكان والزوار وهي تتذكر المخيم الرائع اللذي قضوه أيام الثانوية ... قالت إليسا بصوت منخفض :
- لو أن الزمن يعود لحظة فقط!
هنا قاطعها صوت من الخلف :
- إليسا .... سمعت عنك كثيرا .... مع ذلك أرى أن الكلام لا يكفي ...
إلتفتت لتجد شخصا طويلا ونحيلا بدى مرتبا ... لكنها لم ترتح لطريقة إبتسامته :
- ومن تكون ؟!
- ههههههههههه ........ أرى أن لوسي تنسى إخبارك ببعض الأمور ...
- لوسي؟!

هنا اقتربت لوسي وألقت التحية على الشاب قائلة :
- أوه ..... تشارل .... سامحني لقد نسيت !
سحبت إليسا من يدها وقالت لها بصوت منخفض :
- هذا الشاب يدعى تشارلز أندرسون ...... والده يعمل نائب رئيس للضرائب ... وهو موهوب جدا ... يكتب الأشعار ويرسم ..... لقد دعوته إلى هنا عن طريق إد ... وأتمنى لك قضاء وقت ممتع معه ...
- ماذا !!؟؟ ...... انتظري ... أنا .......
- أعرف أنك سترفضين لو قلت لك مسبقا ..... إليسا لا داعي لكل هذا الجمود تحدثي إليه ... وكوني إلى جانبه فهذا أفضل من الوقوف إلى جانب الحائط !
- لا أستطيع !
- من أجلي ... فقط تحدثي إليه .... أرجوك !
- أوه ....... حسناً .....
- هذه هي صديقتي الرائعة ... كوني واثقة جدا ومترفعة ....أراك لاحقا !

رمقت إليسا ذلك الشاب بتفحص وهي تردد في نفسها :
- كالعادة ..... وسيم وموهوب ..... لكنه حقيقة يفتقر إلى الإحساس الكامل بمن حوله ! كيف له أن يفهمني ! أتكلم بأفكار تكون بالنسبة لهم ألغازا لأنهم يحتاجون إلى معجم لفهمها !! ........يالي من يائسة !
هنا انتبه إليها تشارلز واقترب منها قائلا :
- أنا تشارلز أندرسون ... أدرس القانون .... ولي في الأدب والفنون ....
- تشرفت بمعرفتك ... أنا إليسا والز ..... أدرس في قسم العلوم الفلكية ....
- هل تنضمين إلي في الرقص ؟!
- نعم ولم لا ؟!

سارت معه مرغمة على ذلك ...... وهي تحاول أن تتجنبه ..... نظرت إليه بعينين راجيتين فقال لها :
- أوه لنسترح إذا ...... يبدو أنك متعبة ...... سأحضر شرابا .....
- نعم .....

إليسا بدت متضايقة فهي فتاة متحفظة نوعا ما وتكره مثل هذه الاحتفالات المليئة بالتصرفات الطائشة .... عاد تشارل وفي يده كوب من الشراب ... وقدمه لها ... فقالت :
- لا أحب الكحول ....
- لا بأس بالقليل في يوم كهذا ....
- لن أشرب منه !
- ولم ؟!
- أحب أن أظل في وعيي ...

قالتها بنبرة ساخرة وهي ترمق اللذين يشربون بلا توقف وقالت :
- تشارل ..... أنا لا أناسبك ..... ولن أستطيع البقاء هنا أكثر !
- علمت بأنك متعبة ...
- لست متعبة لكنني مصدومة نوعا ما ..... علي العودة قبل أن أجن .......
- مالأمر ؟! ..... أنت غريبة جدا .....
- حسنا كما تشاء متعبة .... وأريد أن أنام ...... تصبح على خير .....

رمقها بتعجب وهز رأسه حيرة ومضى لإكمال الإحتفال ..... بينما خرجت إليسا وهي متوترة ...ركبت السيارة وهي في حيرة وتساؤل قاتلين :
- كيف لي أن أعيش مع أناس يرغمونني على التصرف كما يريدون ! أريد أن أعيش لوحدي .... هذا أفضل لي !

قطع تساؤلها صوت لوسي من الخارج والتي أتت مسرعة :
- إليسا ....... توقف !..... إليسا مابك ؟!
- لم يعجبني الإحتفال ...
- أنتي تمزحين ..... هل ضايقك أحدهم .....
- لا .... ما بكم ! .... دعوني وشأني .... اليوم أدركت أني مختلفة .... مختلفة جدا !
- مختلفه ! إنك حسناء ! الكل يتمنى أن تكوني إلى جانبه... والجميع يرمقك بإعجاب !
- ليس هذا ما عنيته ؟!
- إذا ماذا تريدين ..... كان برفقتك أفضل شبان البلدة في أفخم إحتفال ! هل تتمنين إحتفالا مع الأطفال وجوارب العيد لتكوني أكثر سعادة !
- أظن أن ذاك الوقت أفضل وأكثر إمتاعا من مكان لا أرتاح فيه !
- أرجوك أفيقي ! أنت الآن شابة راشدة ولست طفلة !
- وهل هذا يعني إعطاء مشاعري وملكاتي لمن لا أحب ! أضيع الوقت بالتسكع معه ثم أكتشف أنه زائف !
هنا صمتت لوسي وهي تنظر إلى إليسا بشفقة وقالت :
- متى ستجدينه ؟!
- لن أمانع حتى لو بقيت لوحدي !
- إذا ستظلين تشعرين بالنقص دائما !

هنا أحست إليسا بالدوار وامتلأت عيناها بالدموع وأشارت للسائق بالمضي فيما وقفت لوسي ترمقها إلى أن إنعطفت السيارة ...... تنهدت وقالت :
- إليسا ...... مزاجك صعب هذه الأيام ...... ولن يتحسن بعنادك !!

بكت إليسا بصمت طول الطريق ... لم تكن فتاة قوية حازمة المشاعر ... بل كانت رقيقة ... لا تتحمل الضغط الاجتماعي ... عادت إلى المنزل متجاهلة نداء عائلتها فلم تشأ أن يروها تبكي .... دخلت غرفتها وأغلقت الباب مرتمية في أحضان الوسادة الوثيرة والتي تبللت بدموعها الدافئة ....

استيقظت إليسا في صباح اليوم التالي وهي تحس ببرودة شديدة ... انتبهت إلى أنها لم تبدل ملابسها ولم تستعد للنوم ... وعادت أحاسيسها الحزينة فتقدمت نحو قصاصات أوراقها المعطرة لتكتب شيئا ربما تحله الأيام ... أمسكت بالقلم وراحت تكتب بقوة إحساسها :
- هل هذا قدري ؟! لم أحس بزيف من حولي ؟! لم لا أكون كباقي الفتيات ؟!

أطرقت قليلا ثم كتبت في قصاصة أخرى :

- أحيانا تسيّرك الأمور بقسوة نحو المجهول .... في هذه اللحظة يخونك إحساسك ويخونك من حولك ... لكن ... عليك أن تمضي قدما لاكتشاف المجهول وإلا بقي غامضا لا ترى منه شيئا !
هنا توقفت وقالت :
- نعم ! علي الرحيل ..... أحتاج لفترة أبتعد فيها عن ضوضاء المدينة إلى الريف ! هناك سأعيد حساباتي بعد أن يصفى تفكيري ....

وقفت وكلها حيوية مشرقة .... إحساسها بالسفر بث ّ فيها النشاط والتفاؤل ... دخلت وارتدت فستانا أنيقا بلون وردي حريري استعدادا للاحتفال بالعيد ...
بدت في غاية الرقة وهي تنزل السلالم .... بادرها الجميع بالتحية والتهنئة ....

كان يوما جميلا بالنسبة لها .... الأهل سعداء ويفتحون هداياهم بسرور .... وحينما جاء وقت العشاء سألتها والدتها :
- عدت مبكراً بالأمس ؟! أتمنى أن لا يكون أحد ما قد أزعجك .
- أوه ... أمي .... كنت أريد أن أنام مبكراً ... ورأيت أنهم لن ينتهوا إلا في ساعة متأخرة !
- عزيزتي ... خفت أنك حزينة أو ما شابه ... على كل ... أنا سعيدة لتألقك هذا اليوم ...
ابتسمت إليسا بطريقة معبرة إلى والدتها ثم قالت :
- أمي .... أرغب في السفر !
نظرت السيدة مارغريت إلى ابنتها باندهاش ثم قالت :
- إلى أين عزيزتي ؟!
- الريف الأوروبي ...
- الريف؟!
- نعم ... لطالما تمنيت ذلك .... فهل لي ما أريد ؟!
- حسنا عزيزتي سأخبر والدك بالأمر .... ولا مانع لدي البتة....

ابتسمتا وذهبتا لتناول طعام العشاء مع بقية أفراد العائلة ....

وبعد انتهاء السنة الثالثة كانت إليسا على وشك الانطلاق إلى الريف فقد تمت الترتيبات بشكل سريع ومنظم .... وهاهي تبادل الجميع بنظرات المحبة .... قال لها والدها :
- إليسا ... أتمنى لك وقتا ممتعا ...
- شكرا لك ....

قالت والدتها بلكنة حزينة :
- انتبهي على نفسك ...
- حاضر أمي ....
هنا نزل أخيها من السلالم بسرعة قائلا :
- إليسا ! ....... لا تنسي الهدية !!
- حسنا ...... بالتأكيد ..... إلى اللقاء ...
- إلى اللقاء ......

خرجت ونظرت إلى لوسي بجانب إدوارد، قالت لهما :
- كنت أتمنى أن ترافقاني ..
- آه يا إليسا تعرفين أن أحدهم لا يطيق البعد عني ...
- أتمنى لكما عطلة سعيدة ...
- ولك أيضا ...

تعانقت الصديقتان بحرارة ... ثم قالت لوسي بأسلوب مشاكس :
- إذا وجدت الشخص المناسب أحضريه معك .
ابتسمت لها إليسا وركبت السيارة في طريقها إلى المطار ...

في الطائرة كانت إليسا بقرب النافذة ... أخذت تتأمل بصمت البحار والسحب .... تنهدت وقالت في نفسها :
- الريف ! حيث تكمن الخلابة والصفاء !
أغلقت عينيها وراحت تتخيل وترسم صورة لرحلتها الريفية ... وغطت في نوم عميق ....