الموضوع: كَبشُ فِدَاء
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-01-2016, 12:20 PM
الصورة الرمزية Miss News
Miss News Miss News غير متصل
أنيدراوي مجتهد
 
معلومات إضافية
الانتساب : Aug 2009
رقم العضوية : 47981
المشاركات : 157
   الجنس: الجنس: Female
  علم الدولة: علم الدولة Morocco
كَبشُ فِدَاء

السلامـ عليكم و رحمة الله


أعود بقصةٍ قصيرة جديدة ^^





كبشُ فِدَاء

" إلى تلك الروح البائسة... إلى ذلك الجسد الفاني.."




- لا تنسي.. يوم الإثنين صباحاً.. سأُقابلكِ في المحطة !
- حسناً. أي جديد أعلميني به.


هكذا أنهت "مَي" هذا الاتصال الذي لم تتوقعه من السيدة "هنَادي"، لتعلمها بذلك أنه تم تحديد موعد الجلسة التي ستُعلن فيها براءة ذلك "الشخص" و الذي بالكاد تعرفه.


"مَي" فتاة شابة تشتغل في محل صغير لبيع الأزهار. لم تنعم و هي صغيرة بحياةٍ مترفة أو على الأقل حياةً كالحياة التي تعيشها حالياً، حياةً آمنة دون خوف أو رعب.
و هذا الوضع لم يقتصر عليها و عائلتها، فكل الفقراء يجب عليهم الرضوخ للأغنياء.



في ليلةٍ من تلك الليالي المُعتمة، حدث حادث ذهب ضحيته شخص ما في أحد الأحياء الفقيرة، كان هناك شابٌ يستكشف الأمر، فإذا بصرخاتٍ تنهال عليه "إنه القاتل! إنه القاتل!! "
لتتم الإطاحة به من كل جهة، فجأة أصبح مجرماً !



انتشر الخبر سريعاً بين سكان المنطقة، فما بين التصديق و التكذيب هناك فكرة واحدة قد تملكتهم " إنه كبش فداء !". الحادث الذي وقع لم يكن حادثاً بسيطاً و عادياً،
العجيب في الأمر أن الجميع يُدرك ذلك لكن لم يتجرأ أحد على السؤال.. لم يتكلف أحد عناء الاستفسار عن هذه القضية و البحث فيها.. فهم يعلمون أنهم إذا فعلوا ذلك سيزداد فقط عدد الضحايا ،
تكفيهم تضحية شخصٍ واحد.. يكفيهم وجود كبش فداءٍ واحد..



تمت مُحاكمة الشاب، و تم زجه في السجن.


مرت عشر سنوات أو ما يقاربها على ذلك الحادث، و "مَي" تستعد الآن للمغادرة.


لم تكن السيدة "هنادي" وحدها تنتظر في المحطة، بل كانت هناك أيضاً الآنسة "مَيسون" و هي معلمة للصفوف الإبتدائية، و السيدة "هند" صاحبة المنزل التي كانت تُقيم فيه عائلة "مي"،
و أخريات بدون مألوفاتٍ لها. شرعت السيدة "هنادي" بتوضيح سبب هذا التجمع للحاضرات بعد تبادل التحيات: أعتقد أن أغلبكن يُدرك سبب تجمعنا هنا فالجلسة أخيراً ستٌعقد هذا المساء،
و جميعنا يعلم أن والدة ذلك "الشخص" توفيَت و لم يعد يمتلك أي أحد ليقف بجانبه أو مكان ليعود إليه لذلك، و بصفتنا كنا جيراناً ذات يوم و شهدنا تفاصيل ذلك الحادث، فلنتعاون معاً
و لنساعده.



كل فردٍ هنا كان يقطن نفس الحي، فحتى "مَي" رغم ذكرياتها المشوشة إلا أن عائلتها أقامت يوماً هناك.


اقترب موعد الجلسة، و الجميع يستعد للذهاب للمحكمة.


بدأ الناس بالتجمع و تقريباً امتلأت القاعة التي سيُعلن فيها براءة ذلك "الشخص"، تبدو على وجوه الحضور البهجة لصدور هذا القرار،
فبعد الثورات التي شَهِدوها مُتخذين بذلك الظلم و الفساد كنِد لهم، بدأت المحاكم بمراجعة الملفات المشبوهة و من بينها ملف هذا "الشخص".



بعد حضور القاضي بدأ كل شخص يأخذ مكانه و أصبح الجو يعمه الهدوء، تم الإعلان عن دخول "المُتهم" و الكل يشاهد بنظراتٍ مترقبة. "مي" التي لا تعلم كيف يبدو هذا "الشخص" بدت أكثر فضولاً،
لكن ما إن ظهر حتى تحول هذا الفضول إلى ذهول فتأسف، ليست "مي" فقط، بل أغلبالحاضرين إن لم يكن جميعهم انتابهم نفس الشعور.



الجميع بدأ يستنكر حالة هذا "الشخص" المزرية، انتشرت تمتمات من هنا و هناك ، البعض يحمل إدارة السجون المسؤولية بتدبيرها السيء و المخزي
و البعض الآخر يشير بأصابع الاتهام لأقاربه بإهمالهم له و هناك آخرون فضلوا الصمت و الاكتفاء بالمشاهدة فقط.



كل ما قيل و غيره يمكن أن يكون صحيحاً و يمكن أن يكون خاطئاً ففي النهاية "كبش الفداء" هذا مازال "كبش فداء"، و سيظل كذلك.


طرقات ثم صوتٌ يُعلن عن انتهاء الجلسة.


بعد الخروج، حاولت السيدة "هنادي" لمّ شتات أفكارها لتقول بتردد : لا تنسين ما اتفقنا عليه هذا الصباح لنجتمع غداً و لتحضر كل واحدة ما تستطيع إحضاره.
بعد انتهائها من الكلام، اعتذرت بعضهن على عدم مقدرتهن الحضور و كانت "مي" من بينهن فقد شغل تفكيرها محلها.



- لا بأس، في أي وقتٍ تجدنَه مناسباً سأكون حاضرة. هكذا أنهت السيدة "هنادي" هذا اللقاء.


بعد مرور أيام على تلك الجلسة، قررت "مي" أخيراً زيارة ذلك "الشخص"، اتصلت بالسيدة "هنادي" لتخبرها بالأمر.


- مرحباً سيدة "هنادي"، أنا "مي".


- مرحباً "مي" كيف حالكِ؟


- أنا بخير، أهاتفكِ لأتأكد ما إن كنت أستطيع زيارتكِ غداً بشأن ذلك "الشخص"، لقد جهزتُ بعض الأغراض و أحسب أنها ذات نفع.


-أخشى إخباركِ .. أنه ما مِن فائدة من ذلك .. بعد الآن.


- كيف.. ماذا حدث؟!


- لقد اختفى .. اختفى بعد أن تم الإفراج عنه، و لا أحد يعلم أين هو !




النهاية





الموضوع الأصلي : كَبشُ فِدَاء || الكاتب : Miss News || المصدر : منتديات أنيدرا


رد مع اقتباس