عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2016, 05:20 AM   رقم المشاركة : 2
نسيم الخريف
أنيدراوي مجتهد
 
الصورة الرمزية نسيم الخريف





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الجنس: الجنس: Female
  علم الدولة: علم الدولة Saudi Arabia
  الحالة :نسيم الخريف غير متصل
My SMS


رد: قصة قصيرة " العالم من وجهة نظر ".

وصل أخيرًا إلى قمت الجبل بعد ما يقارب الخمس دقائق من وصولها " أنت حقا بطيء " قالت ( إريم ) بعدم رضا , لم يجاوبها و اكتفى باللحاق بها عندما ابتعدت عنه وذهبت إلى منتصف الجبل , " المنظر جميل أليس كذلك ؟؟" قالت وهي تنظر إلى ذلك المنظر الرائع من أعلى الجبل , نظر إلى حيث تنظر " نعم " قال بهدوء وهو يتأمل هذا المنظر الجميل , البيوت الصغيرة التي تشبه الأكواخ ذات اللون البني , والمروج الخضراء التي تمتد لمسافاتٍ طويلة , الهواء عليل والسماء زرقاء صافية هذا المنظر كان من أجمل المناظر التي قد رأوها .
:" ماذا سيحدث لو رمى شخص نفسه من هناك " قاطعت ( إريم ) الهدوء المخيم بينهما بهذا السؤال الذي قالته دون شعور وهي تشير إلى جزء عالي من الجبل .
:" سيموت " قال ( إيل وو ) بنبرة استغراب و سخريه " من المجنون الذي سيقفز من هناك ؟؟" .
هزت كتفيها بلا أعلم ثم التفتت إليه " هل لديك كاميرا أريد أن التقط بعض الصور لهذا المنظر الجميل " قالت لتغير مجرى الحديث.
--------------------------
:" الآنــــــــســـــة ( إريــــــــــم ) اخــــــتــــــفـــــت".
وقف مفزوعًا وهو ينظر إلى الحارس الذي فتح الباب بقوة وقال هذه الكلمات المربكة " مـــــــاذا " وذهب مسرعًا خلفه لإنه قد ذهب بالفعل .
كان ( إيل وو ) جالسًا في غرفته منذ الصباح ولم يخرج منها حتى ولو قليلا , رغم استغرابه من عدم إزعاج ( إريم ) له إلى الآن على الرغم من أن الساعة الآن العاشرة !!, ولكنه فضل الجلوس لوحده .
:" كيف اختفت " قال ( إيل وو ) وهو يركض خلف الحارس الذي أتى وأخبره .
:" لا أحد يعلم لم يرها أحد منذ الصباح ولا أثر لها على الإطلاق" .
توقف كلاهما عن الركض أمام الباب الخارجي للمنزل " هل بحثتم عنها ؟؟ " سأل ( إيل وو )
:" نعم , أرسلت بعض الرجال للبحث عنها ..." لم يكمل لأن رئيس الخدم أتى مسرعًا وأمسك بكتفي ( إيل وو ) وقام بلفه ليكون أمامه وصرخ به " أيـــــــن ( إريــــــــــم ) " نظر ( إيل وو ) إلى رئيس الخدم الذي كان الشرار يتصاعد من عينيه وصدره يرتفع وينخفض من شدة الغضب" لا أعلم لا أعلم " ردد بتوتر وخوف , لأول مرة يرى رئيس الخدم على هذه الحالة دائمًا ما يكون رئيس الخدم هادئًا ويتصرف بحكمه لم يره يومًا بهذا الخوف والقلق والغضب .
" تبًا" نظر في عيني ( إيل وو ) ثم أبعده بعنف " تــــبـــًا" صرخ بصوت عالي وركض مبتعدًا إلى مكان ما .
نظر ( إيل وو ) إلى الحارس الذي كان متفاجئًا مثله من رئيس الخدم " فل نبحث عنها " .
هز الحارس رأسه بنعم وذهب كلاهما في طريقٍ مختلف .
------------------------------
توقف في منتصف أحد الأسواق المزدحمة بالناس , جال بنظره هنا وهناك التف حول نفسه للمرة الثالثة محاولًا أن يجد أي أثرٍ لها , أمسك بشعره وشده بغضب وهو ينظر إلى هذا الكم الهائل من الناس " تبًا " فاجئه صوت هاتفه الذي يرن أمسكه بسرعة وقام بالإجابة .
:" هل وجدتها " قال الطرف الآخر .
:" لا " أجاب ( إيل وو ) .
أغلق الطرف الآخر بسرعة بعدما سمع جواب ( إيل وو ) دون أن يعطيه أي فرصة ليسأل , نظر إلى هاتفه بغضب " تبًا " أعاده إلى جيبه وعاد ينظر إلى الناس .
يشعر بالذنب لأنه تجاهل عدم إزعاجها له اليوم , لماذا لم بفكر بأن خطبًا ما قد
حدث لها , يزداد شعوره بالذنب كلما تذكر أنه الوحيد الذي يعلم بأنها تريد الانتحار ومع ذلك هو لم يعطي اهتمامًا زائدًا لاختفائها وعدم إزعاجه هذا الصباح .
نظر إلى الجبل العالي الذي ذهبا إليه بالأمس , تذكر حينها ما جرى بالأمس .
:" ماذا سيحدث لو رمى شخص نفسه من هناك " قاطعت ( إريم ) الهدوء المخيم بينهما بهذا السؤال الذي قالته دون شعور وهي تشير إلى جزء عالي من الجبل .
:" سيموت " قال ( إيل وو ) بنبرة استغراب و سخريه " من المجنون الذي سيقفز من هناك ؟؟" .
:" حمقاء" تمتم بذلك وذهب مسرعًا إلى ذلك الجبل .
----------------------------------------


كانت تقف على حافة ذلك الجزء المرتفع من الجبل تتأمل هذه القرية الصغيرة و كأنها آخر مرة ستراها فيها , أو ربما هي آخر مرة بالفعل , أغمضت عيناها وأخذت نفسًا عميقًا ولكن سرعان ما فتحت عيناها عندما سمعت صوته .
في الناحية الأخرى كان هو يصعد الجبل بسرعة فائقة مقارنة بغيره , ألقى نظرة سريعة إلى قمة الجبل التي لم يصل إليها بعد لمحها هناك واقفة بسكون " ( إريـــــــم ) " قال بصوت عالي كي تتمكن من سماعه وأسرع ذاهبا إليها .
توقف عن الركض وهو متعب عندما وصل إلى بداية تلك القمة " ( إريم ) " قال بصوت مسموع , ثم تحرك ببطء متجهًا إليها .
التفتت بسرعة إليه وكأنها لتو استوعبت هذا الصوت " تـــــــوقــــــف ( قالت بصراخ , ثم أكملت بصوت مسموع ) لا تقترب , أقسم أن اقتربت سأرمي نفسي من هنا والآن " و أشارة إلى أسفل القمة .
توقف في مكانه دون حراك فور قولها لتلك الكلمات رغم أنه يعرف أنها سترمي نفسها من هناك سواءٌ أتقدم أم لا ولكنه فضل الوقوف والتمهل " حسنا لن أتقدم ولكن استمعي إلي ".
:" لا أريد الاستماع لك أو لغيرك فقط أذهب " قالت هذا والتفتت لتنظر إلى القرية .
:" لماذا تودين الانتحار" قال( إيل وو ) بهدوءٍ بعد أن أخذ نفسًا عميقًا.
توسعت عيناها بشدة * كيف علم ؟؟!* ولكن سرعان ما عادت إلى طبيعتها وأطلقت
ضحكة سخرية خفيفة وهي تلعب بالحجارة الصغيرة بقدمها " ومن أنت كي أخبرك بشيء كهذا ".
تفاجئ من ردة فعلها , شعر أن هناك نبرة غموضٍ وبرودٍ في صوتها , لم يعهدها هكذا لا طالما كان صوتها يحتوي على نبرة مرحه لم تكن يومًا جادة " إعتبريني شخصًا فضوليًا " .
:" لا أحب الفضوليين اذهب وحسب " .
وضع يديه في جيبي بنطاله و أخذ نفسًا عميقًا محاولًا أن يتمالك نفسه ثم قال ببرود وهدوء وهو بنظر إلى الأرض " الحبل الذي قمتِ بإتلافه عمدًا لكي ينقطع أثناء تسلقك الجبل ( وأكمل بهدوء ) هل لديك سبب وجيه لذلك ".
توسعت عيناها من شدة الصدمة * كيف علم بكل ذلك , هل يعقل أنه ... ؟!!* .
أكمل بصوت مرتفعٍ قليلًا وهو بنظر إليها عندما لم يجد أي ردٍ منها :" السيارة التي قمت بتعطيل بعض أجزاءها لتنحرف عن مضمار السباق وانتهى الأمر بمعاقبة المسئول عنها , ( وأكمل بغضب طفيف ) هل يمكنك تفسير ذلك ؟؟ " .
شدة على قبضة يدها محاولتًا تمالك أعصابها " توقف " قالت بصوت خفيف .
:" العصابة التي قمتي بتأجيرها لخطفك , هل يمكنك أن تبرري ذلك " قال بصوت
أعلى وبغضب ."
شدة على قبضة يدها أكثر حين بدأ جسمها بالارتعاش محاولةً تمالك نفسها " توقف " قالت بصوت مسموع.
:" صاحبة المحل التي ذهبت ضحية تهورك , هل لديك أي عذر لفعلتك ؟؟ " قال بصراخ .
:" تـــــــــــــوقــــــــــــــف " قالت بصراخ وغضب .
عندما سمع صرختها توقف تمامًا عن الكلام , علم أنها ستبدأ الآن بتفسير كل شيء , أنها أشبه بالقنبلة التي حان وقت انفجارها , لذا اكتفى بالصمت وإفساح المجال لها لتتكلم.
: " تبًا أنتَ لا تعرف أي شيء , أنتَ لا تعرف كم عانيت لكي تأتي وتؤنبني هكذا , أنتَ لا تعرف كم هذا العالم مقرف ولا يستحق أن يُعاشَ فيه , أنتَ لا تعرف كم أن هذا الهواء يسممني وهذا العالم يقتلني ألف مره .
منذ أن كنت صغيرة وأنا أعيش وحيده , محاطةً بمئات ومئات من الخدم والخادمات , كل ما كنت أطلبه كان يأتي إليّ بسهوله و من دون أن أتحمل حتى عناء القلق عليه , ولكن ما فائدة ذلك ؟؟ , قل لي ما فائدة ذلك؟! , فأنا لا أملك حتى والدين !! هذا صحيح أنا لا أملكُ والدين , فوالدي اللذين أعرفهما هما مجرد ورقة طبع عليها صورة لشخصين , أو برنامج تلفزيوني أستقبلهما في يوم ما .
منذ أن كنت صغيرة وأنا أنتظرهما , في كل يوم , كل ساعة , كل دقيقة , في عيد ميلادي , أو حتى عندما أحصل على درجة مرتفعة في الصف , في كل
وقت كنت أنتظرهما , ولكنهما لم يأتيا " ابتسمت بحزن عندما تذكرت تلك الحادثة :,
كانت تجلس في غرفتها تؤدي بعض الواجبات , أنها في الصف السادس الآن ورغم أنه لا توجد الكثير من الواجبات إلا أنها لا تجد شيء تفعله عدى تأديتي واجباتها كما أنها تحب أن تكون الأولى على صفها لذا هي لم تتكاسل يومًا أو تتأخر في تأديتي واجباتها .
وبينما كانت منهمكة في حل واجباتها فُتِحَ باب غرفتها بقوة لتخرج من خلفه أحدى الخادمات التي قالت بحماس وعجل وفرحه " آنسة ( إريم ) أن والداكِ بالأسفل " .
رمت جميع الأشياء التي بيدها وذهبت راكضةً إلى الأسفل بكل فرح , وأخيرًا أخيرًا سترى والداها , ستستطيع أن تحتضنهما , تكلمهما وتحكي لهما قصصها , تنام معهما وتوقظهما , تذهب معهما وتأتي معهما , أنها أول مرةٍ تراهما لذا ستفعل معهما كل شيء كل شيء بلا استثناء.
ركضت بسرعةٍ إلى غرفة الضيوف , سيكونان هناك ! , بالطبع سيكونان , فتحت الباب بسرعة وتنقلت بعينيها الفرحتين بين الموجودين , ولكن سرعان ما تحولت تلك النظرات الفرحة إلى نظرات مستغربه !! , أين والداها ؟؟ أنها لا تراهما ؟؟ كل الوجوه هنا مألوفة , جميعها وجوه سكان هذا البيت !! قالت بإستغراب وعيناها لا تزال تجول بينهم : " أين والِدَّيَ ؟؟ "
التفت الجميع إليها بوجوه تعلوها الفرح , أزاحوا قليلًا ليظهر التلفاز الذي يحمل صورة شخصين وقالوا : " هنا " .
صُدِمَت ( إريم ) لا لم تصدم وحسب بل صُعِقَت , لقد كانت المرة الأولى التي ترى فيها والداها , ولكنها رأتهما على التلفاز , عبر صندوق كبير تمنت لو تحطمه في تلك اللحظة .
: اثنا عشر عامًا وأنا أنتظرهما , اثنا عشر عامًا وأنا حتى لا أعرف شكليهما , ولا أعرف صوتيهما , اثنا عشر عامًا !! , وعندما رأيتهما , رأيتهما عبر التلفاز : لقد كانا جميلين , أمي بشعرها الكستنائي القصير وهيئتها الشابة كانت في غاية الروعة , وأبي .. أبي الذي لا يقل جمالًا عن أمي بدا وكأنه في ريعان شبابه , كنت أنظر لهما بحب واستغراب في أنٍ واحد , استغراب من فتاة صغيرة بدت في العاشرة من عمرها , كانت تقف في
منتصفهما وتحاوطها ذراع والدي , أثارت استغرابي , كنت أتساءل من هي , إلى أن علمت بأنها شقيقتي الصغرى .
أتذكُرُ بالأمسِ عندما توقفتُ أمام أحد المطاعم ونحن عائدان إلى المنزل؟؟ :.
عندما أنها الاثنان رحلتهما الجبلية توجها عائدين إلى منزلهما , وكانا يسيران رويدًا رويدا جنبًا إلى جنب , وعلى عكس العادة لم تسبق ( إريم ) ( إيل وو ) بل كانت تسير معه خطوةً بخطوة , ربما لأنها متعبة ؟ أو أن هناك ما يدور في عقلها ؟ ولكنها في جميع الأحوال لم تسبقه .
ولكن ... حينما أراد ( إيل وو ) أن يحدث ( إريم ) في شيءٍ ما لم يجدها بقربه , فتلفت يمنةً وشمالا باحثًا عنها , ورآها واقفة أمام أحد المطاعم ذات الجدران الزجاجية تطل على شيء ويبدو عليها السرحان , توجه إليها وهو مستغرب من هذا الشيء الذي أوقف ( إريم ) وشدها إلى هذه الدرجة , وقف قربها ونظر إلى ما تنظر إليه , لقد كان التلفاز ! ولكن ليس التلفاز ما جعل ( إريم ) تقف لأجله , بل هو البرنامج الذي كان يعرض آنذاك على التلفاز , هذا ما فهمه ( إيل وو ) عندما أمعن النظر .
لم يكن يعرِضُ لقاءً مع أحد الفنانين , ولا سبقٌ صحفيٌ حصلت عليه قناة دون الأخرى , بل كان يعرِضُ مقابلةً مع مليارديرٌ أربعيني وبجانبه زوجته التي في الثلاثينيات من عمرها , لقد كانا والدا ( إريم ) أنه يعرفهما جيدًا فهو بعرف كل شيءٍ عن ( إريم ) تقريبًا , ولكن الشخص الذي لم يستطع معرفته , هي فتاة في سن المراهقة تشبه إلى حدٍ ما شخصًا ما , وبعد أن دقق النظر قليلًا وجد أنها تشبه ( إريم ) وكأنها أختها .
سكتت لبرهة ثم أردفت قائله : أتذكر ؟؟ تلك الفتاة المراهقة , ذات الشعر البني , والبشرة البيضاء , تشبهني إلى حدٍ ما ... إنها شقيقتي !! .
شقيقتي .. التي كلما أراها أغبطها على ما هي عليه , وأشعر بالبغض يتكتل في صدري , لما ؟؟ لما هي وليست أنا ؟؟ ما الذي يميزها عني ؟؟ هي فتاةٌ وأنا فتاة !! هي سليمةٌ وأنا سليمة !! هي جميلة وأنا كذلك , بل وعلاوة على ذلك أنها تشبهني !! إذا لما ؟؟ لما اختاراها والديَّ ولم يختاراني؟؟ لما ؟؟ .
كلما أراها أكُنُّ لها مشاعر الكره والحقد والحسد , ولكنني مؤخرًا تركت هذه الأفكار السخيفة . ما ذنبها هي على كل حالٍ كي أكرهها , ليس لها أدنى
ذنب .
ولكن القصةَ لم تنتهي هنا , فعلى كل حال لست أول أو آخر فتاة تصبح منبوذةً من قبل والديها , لذلك تجاهلت الأمر , فأنا لدي أصدقاءٌ على كل حال .. أو كنت أعتقد أنه لدي .. .
في أحد الأيام كانت ( إريم ) متوجهةً إلى غرفة المشجعات في مدرستها , المكان الذي اعتادت هي وصديقاتها أن يجتمعن به , وبما أن عيد ميلاد إحداهن بعد بضعة أيام قررت أن تصنع لهن مفاجئة , ولكن ... حصل ما لم يكن في الحسبان , فعندما اقتربت من مقرهن وهي سعيدة وهمت بفتح الباب , أوقفتها أصواتهن الواضحة وهن يتناقشن عن موضوعٍ أثار اهتمامها , فوقفت لتنصت :
" كل التجهيزات كاملة بقي فقط أن أقوم بدعوة الحضور " قالت صاحبة الاحتفال.
:" عليكِ أن تنشئي قائمةً بالحضور حتى لا تنسي أحدًا " نصحتها إحداهن .
فتحت صاحبة الاحتفال حقيبتها وهي تقول" لقد قمت بذلك بالفعل كي لا أنسى أحدا ( أخرجت من حقيبتها ورقة وأكملت ) فأنا قد دونت أسماء جميع من أريدهم أن يحضروا مسبقًا " .
:" هاتي دعيني أرى " قالت أخرى وهي تمد يدها لتأخذ الورقة , سلمتها صاحبة الاحتفال الورقة وبدأت الأخرى بتفحصها كي تتأكد من عدم نسيانها لأي أحد ثم قالت :" ولكن ( مينا )- صاحبة الاحتفال - أنتِ لم تدوني أسم ( إريم ) ؟؟
:" وما الحاجة لأن تدونها يا عزيزتي !؟؟ " قالت الأخرى .
:" صحيح فهي لن تأتي في كل الأحوال " قالت ( مينا ) .
:"أنها صديقتنا , لما لن تأتي ؟! " قالت بتعجب .
ضحكت ( مينا ) بسخرية وقالت :" هههههه صديقتنا ؟!! أنت تمزحين بالتأكيد " .
وأكملت الأخرى :" نحن لا نصادق فتياتِ مثلها , نحن نستغلهن وحسب !! "
:" نستغلها !! ما الذي يعنيه ذلك؟؟!".
:" يعني بأننا لا نحبها إلا من أجل مالها , فتلك الفتاة غنية , غنية يا فتاة " قالت مينا .
وأكملت الأخرى بمكر: " بصحيح العبارة أننا نتظاهر بحبها كي تنفق علينا ونأخذ أموالها وحسب , وعندما نصل لمبتغانا ... " .
أكملت ( مينا ) :" سنرميها بعيدًا , فلا حاجة لنا بها " .
تمتمت الأخيرة قائلة : " أنكن فضيعات " .
سكتت لبرهة ثم أردفت قائلة :" أتصدق تلك الفتيات الثلاث .. صديقاتي , حتى أنا لم أصدق , لقد اعتقدت أنني لم أسمعهن جيدًا , أو أن أصواتهن تشابهت علي .
فصديقاتي من المستحيل أن يفعلن شيئًا قبيحًا كذلك , لطالما وقفن بجانبي , لطالما ساندنني , حتى في أوقات اليأس والبؤس كنت التجئ إليهن ... ولكنهن صديقاتي !!
صديقاتي التي اعتقدت بأنني محظوظة جدًا لوجودهن لأنه ليس هناك في هذا العالم صديقات مثلهن !!.
وبعد كل هذه الأحداث اكتشفت شيئًا مهمًا ؟! وهو أنني فتاة منبوذة ! , ففي البداية تركني والداي , وبعدهما صديقاتي قاموا بخداعي , ورفض أي شخصٍ أن يصبح صديقًا لي , حتى الخدم كانوا يتذمرون مني !! .
أصبحت فتاة منبوذة من قبل الجميع , أنا حملٌ ثقيلٌ بالنسبة لهم ويريدون أن يتخلصوا منه , لذا قررت أن أريحهم جميعهم مني وانتحر , فإذا لم توجد فتاة تدعى ( إريم ), لن يحتاجوا كل هذا الجهد ليكذبوا عليها ... ( وقالت ببرود ) لذا لا تحاول أن تمنعني ".
دقائق صمت حلت عليهما , قطعها هو بابتسامة جانبيةٍ وكلمةٍ ضلت تتردد في ذهن ( إريم ) : " حمقاء ".
أغلقت عيناها بهدوء في محاولةٍ لكبت غضبها , كيف يتجرأ بعد كلِ ما قالته بأن ينعتها بالحمقاء !! من هو على كل حالٍ كي ينعتها بالحمقاء !!؟ تنهيدة قصيرة خرجت منها مع ابتسامة صغيرةٍ على شفتيها :" حمقاء!؟".
أكمل ببرود : " نعم , حمقاء , لأنكِ لا تعرفين الحقيقةَ كاملةً ولم تحاولي حتى أن تعرفيها , كل ما قلته كان عبارةً عن قناع زائف كبير , يمنعك من رؤية الحقيقة , ولكنكِ لم تفكري حتى بأن تنزعيه لتري الحقيقةَ بأكملها .
ليس الكل يكرهكِ ( إريم ) , هناك الكثير من الذين يحبونكِ في هذا العالم , حتى وإن لم تريهم إنهم موجودون , ليس من الضروري أن يأتي كل شخص منهم ويمسك بكتفيكِ ويقول – أحبك- بينما تتلاقى أعينكما بعضها ببعض , فمنهم من يحبك بطريقته الخاصة , ومنهم من يؤمن بأن الأفعال أبلغ من الكلام , عليكِ أن تفتحي عينيكِ وحسب ".
ضحكة سخرية خرجت من شفتيها لتخبره بتفاهة ما يتمتم به .
تجاهلها وأكمل : " خذي السيد كيم- رئيس الخدم - على سبيل المثال , فعندما أتى لإجراء المقابلة معي , شعرت وكأنما أب هذه الفتاة يجلس أمامي ولقد حسدتكِ في سري لكونكِ تملكين والدًا رائعًا مثله , ولكني صدمت عندما قال لي " لم يشأ الله أن أرزق بأي طفل , ولكنه شاء أن أربي ( إريم ) , أنني أعتبرها أبنتي لذلك أرجو منكَ أن تعتني بها جيدًا " لقد كانت تعلو وجهه الحزين ابتسامة ضعف , نظرة واحدة إليه كفيلة بأن تشرح لكِ ما يشعر به .
لقد ذكرتِ مسبقًا مدى البغض والكراهية التي تكونت لديكِ تجاه صديقاتكِ , لكنكِ لم تعلمي قط بأنهن لسن جميعهن مذنبات , فتلكَ الفتاة التي حاولت جاهدةً الدفاع عنكِ كانت تحبكِ بصدق , أنني أعلم ذلك لأنها شقيقة صديقي !! .
وليس هذا وحسب ! , فالخادمات الاتي زعمتِ بأنهن يكرهنكِ , هناك العديد منهن يحببنك , بل وأن الاتي يحببنكِ لم تتوقعيهن إطلاقًا , فهناك على سبيل المثال السيدة يوري – خادمة مسنة – التي تعتبركِ بمثابة ابنة أو أكثر , أتذكر حديثها لي إلى الآن :" أسمع أيها الفتى الشقي , أنا لا أعلم من أي حضانة قد جلبوك ولكن ليكن في علمك أن تعرضت أبنتي ( إريم ) لأي خطر , لن أدعكَ تعيش بسلام " . رغم أن كلامها قد كان مضحكًا ومزعجًا نوعًا ما , إلى أنه كان نابعًا من قلبها . وخذي ( هيمي ) – ابنة الخادمة المسنة – مثالًا آخر , فبينما كنتُ أجلس على إحدى مقاعد حديقة المنزل جلست بقربي وفورًا بدأت بالكلام : " ( إيل وو ) سأسألك سؤالاً , كيف هي ( إريم ) , .. أعني ما شخصيتها وما إلى ذلك ( ثم التفتت إليه ) أنت تفهمني أليس كذلك ؟؟ " ولم تترك له مجالًا للرد حتى أكملت " لقد حاولت مرارًا وتكرارًا أن أتقرب منها وأكون صديقتها , ولكنها فتاة مزعجه ترفض أي شخص يقترب منها ( قالت بحزن طفولي ) ولكنني حقًا أود مصادقتها لطالما حلمت بذلك , الناس يحلمون بأن يصبحوا أغنياء وما إلى ذلك وأنظر إلى حلمي الغبي ".
رغم كونها حمقاء قليلًا ولكنها فتاةٌ لطيفة ذات قلبٍ نقي .
( إريم ) هناك الكثير ممن حولكِ يحبونك , عليكِ فقط أن تفتحي عينيكِ جيدًا" .
تكتلت الدموع في عينيها معلنةً السقوط , جاهدة كثيرُا لتمنعها , لم تكن تود أن تسقط هذه الدموع , ليس الآن , ليس في هذه اللحظة , بينها وبين حلمها التي عملت جاهدة لتحقيقه , خطوة ! , خطوة واحدة وحسب ! , وتحقق ما كانت تحلم به منذ سنوات , ولكن لما؟ لما لا تستطيع سير هذه الخطوة ؟ , لما عقلها مشتت بكثير من الأفكار ؟ , لماذا أثرت تلك الكلمات القليلة التي خرجت من ( إيل وو ) هذا التأثير العميق فيها؟ , لما هي مترددة ؟ , حلمها الذي جاهدة كثير لتصل إليه , الآن لا يفصل بينها وبينه إلا خطوة ولكنها لا تستطيع خطوها ! .
تمردت دمعة خائنة من عينها واتخذت سبيلها على خدها لتسقط بعد ذلك منه , ولكن يبدوا أنها لا تحب الوحدة , لذلك دعت الجبل الصلب كي يسقط معها , جبل صلب لم يهتز قط , تهدم في تلك اللحظة ليحقق أمنية ( إريم ) , سريع جدًا , وكأنه غاضب , ولكن ( إيل وو ) أسرع منه وأذكى , فقد أستغل عدم انتباه ( إريم ) وهي تحكي قصتها وتقدم , حتى لا تكون المسافة بينهم إلا بضع خطوات , وما إن أعلن الجبل عن انهيار الحافة , حتى ركض مسرعًا وأمسك بيد ( إريم ) التي أصبحت تتدلى في الهواء .
:" تشبثي بي جيدًا ( إريم ) " أمرها .
رفعت رأسها وأخيرًا إليه والدموع تسيل عليه : " لا تتركني , ( إيل وو ) لا تتركني ! لا أريد أن أموت !! أرجوك لا تتركني " .
:" لن أترككِ , لن أترككِ , مهما حصل فلن أترككِ " طمئنها .
ولكن القدر لم يوافقهم على هذا الرأي , توتر جدًا وضعهم خطر ولا يستطيع أن يطلب المساعدة من أحد , وما زاد الأمر تعقيدًا يده التي بدأت تعرق جاعلةً إياه يصارع لإمساك يد ( إريم ) التي بدأت تنزلق من يده , متوترٌ , حائر في هذا المشهد اللئيم , فكر بأن يمسكها باليد الأخرى قبل أن تسقط , ولكنها فكرة سيئة فيده الأخرى متشبثة بإحدى الصخور الموجودة , أن رفعها سقط كليهما وانتهى بهم الأمر .
قالت بين دموعها :" أنني أنزلق , ( إيل وو ) أرجوك لا تدعني أمت " .
:" أنني أحاول " أجابها .
لكن يدها كانت تأبى البقاء , كانت تصارع فقط كي تتحرر من قبضة ( إيل وو ) رغم أمساكه بها بكامل قوته إلا أنها استمرت في الانزلاق والانزلاق حتى ................... ؟!



-------------------------------
بعد عدة أشهر :.
أشرقت الشمس معلنةً حلول الصباح على ذلك المنزل الأبيض الهادئ , كل شخصٍ في ذلك المنزل كان يغط في نومٍ عميق في مثل هذا الوقت إلا هي , جالسة في غرفتها أمام مكتبها تكتب بعض الأشياء في دفترها الصغير .
ماذا؟؟ هل اعتقدتم بأنها انزلقت من يد ( إيل وو ) وسقطت وماتت ؟!! , أنتم مخطئون ! , ففي آخر لحظه وحين أشرفت يدها أن تفلت من يد ( إيل وو ) أتت إحدى المروحيات الطائرة التابعةِ لوالديها وخرج منها شخص ساعد كليهما,ومن ثم اركبهما في المروحية وأخذهما إلى منزلها .
تغيرت حياتها كثيرًا تبعًا لتلك الحادثة , أصبحت ترى العالم بمنظور آخر منذ ذلك الوقت , تقربت من ( هيمي ) إلى أن أصبحت صديقتها الحميمة , وأصبحتا لا تفترقان أبدًا , فهمت كثيرًا من المشاعر, أًصلحت الكثير من أخطائها , اعتذرت وأُنِبَت من قبل البعض , ولكنها بعد ذلك أصبحت فتاةً رائعة , علاقتها مع رئيس الخدم توطدت جدًا كعلاقة الأب ببنته فأصبحت تدعوه بـ ( السيد كيم ) بدلا من رئيس الخدم فقط لأنها لم تعتد بعد أن تناديه بأبي . أما علاقتها بـ ( إيل وو ) ............؟
رنت الساعة معلنةً عن حلول السادسة صباحًا , نظرت إليها وهمست بخبث : " السادسة , وقت إزعاجِ ( إيل وو ) ".
ضحكة بخفة بينما كانت تطفئها , أغلقت دفترها بسرعة ورمت القلم في العلبة , أخرجت شيئًا من مكتبها وخرجت من الغرفةِ سريعًا , أغلقت باب غرفتها بتمهل , فركت يديها بترقب وهي تنظر يمنةً وشمالا همسة " جيد , لا يوجد أحد " , تسلسلت بخفة كأنها أحد اللصوص إلى غرفة ( إيل وو) التي لا تبعد عن غرفتها الكثير , فتحت الباب بهدوء كي لا تصدر أي صوت , رمقت الباب الذي اصدر صريرًا خفيفًا بغضب لكونه كاد أن يفضحها , نظرة إلى ( إيل وو ) الذي لم يحرك ساكنًا , شكرت الله كثيرًا في قلبيها لكون ( إيل وو ) ذو نومٍ ثقيل , توجهت إليه وابتسامة ماكرة على شفتيها , توقفت أمام سريره تنظر إليه وابتسامتها الماكرة قد اختفت , أخذت تحدث نفسها " أوه يا الهي أنظروا كم هو لطيف وهو نائم , لا يطاوعني قلبي على فعل شيءٍ مثل هذا له " وسرعان ما عادة تلك الابتسامة الماكرة على وجهها " ليس فعلًا " , أخرجت بوقًا من خلفها , وجهته نحوه و .. " بووووووووووم" .
قفز قفزةً سقط على أثرها على الأرض وأصطدم رأسه بها , أمسك بجبهته متألمًا ورفع رأسه لينظر من هذا الشخص المزعج الذي يفعل مثل هذا الشيء الطفولي , تذمر بصوتٍ نعس وهو يسحب لحافه كي يعاود النوم " ( إريـــــم ) ليس مجددًا " .
اتسعت عيناها وهي تراه يتسلل تحت لحافه ويعاود النوم , صرخت به : " هــــــي , ( إيل وو ) لا يمكنك أن تعود للنوم ! ".
غطى رأسه بلحافه وهو يقول : " صوتكِ عاليٍ جدًا , اخفضيه أريد النوم ".
صرخت به مرة أخرى :" هــــي لا تنم , أود أن أخرج إلى أحد المقاهي ! " اقتربت منه وأخذت تهزه بعشوائية " أنتَ حارسي الشخصي يجب عليكَ أن ترافقني " .
أخرج رأسه من لحافه كي ينظر إلى ساعته الموضوعة على الطاولة الملتصقةِ بسريره: " إنها السادسة , لا يوجد أي شخص يملك عقلًا سليمًا يفتح مقهاه الآن " .
:"إن لم تنهض سوف أخبر الكل بأنكَ لم تقم بمهامكَ كحارسٍ شخصي على أكمل وجه " هددته .
نظر إليها بنصف عين :" أنتِ لن تخرجي إن لم أنهض أليس كذلك ؟؟ " سألها .
:" بالضبط " أجابته.
التفت إلى الجهة الأخرى قائلًا :"حسنًا إذا لا تخرجي " .
عادت إلى هزه مجددا :" هــيّا ( إيل وو ) لا تكن كسولًا " .
:" أنتِ من لديه نشاطٌ مبالغٌ فيه " قال بانزعاج .
:" هيا ( إيل وو ) هيا أنهض " تجاهلته .
أبعد لحافه بعنف ونهض من سريره متذمرًا " أوف ( إريم ), إن لم أنهض الآن أعلم بأنكِ ستستمرين في أيقاضي إلى الأبد " .
توجه نحوها وأمسك بكتفيها وأخذ يدفعها إلى الخارج " أخرجي , سأستعد وأأتي " .
فلتت من يديه والتفتت إليه قافزة :" حقًا ؟؟" . سألته بعدم تصديق .
أدارها ودفعها ناحية الباب مجددًا" نعم , نعم أخرجي وحسب " , أخرجها وأغلق الباب خلفها وهو يتمتم " فتاةٌ مزعجة " .
بعد بضعة دقائق انتهى من تجهيز نفسه وخرج من غرفته متوجهًا إلى غرفة ( إريم ) , في الآونة الأخيرة (إريم ) أصبحت مزعجةً جدًا بالنسبة له , حتى أنه أصبح من المستحيل أن يمر يوم من دون أن تزعجه , أحيانًا يفكر لو أنه تركها تنتحر لكان أفضل , زفر بضيق ليبعد تلك الأفكار الغبية , طرق بابها" ( إريم ) هيا بنا " ولكن ما من مجيب , فتح الباب ألقى نظرة سريعة , لم يرها موجودة فعلم أنها بالحديقة , نزل من السلالم وتوجه إلى الحديقة , ألقى نظرة سريعة ووجدها تجلس على إحدى المراجيح , توجه نحوها وكرر ما قاله سابقًا:" (إريم) هيا بنا ".
رفعت رأسها لتنظر إليه ووجهها خالٍ من أي تعبير " إلى أين؟؟ " تساءلت .
:" ألم تقولي أنكِ تودين الذهاب إلى أحد المقاهي, إذا هيا بنا " قال بشك .
:" ولكنني لم أعد أرغب بالذهاب " قالت بكل سلاسة .
أغمض عينيه وعض على شفته السفلى في محاولةٍ لكبت غضبه , ولكنه لم ينجح لذا صرخ بها :" إريـــــــــــــــــــــــــــــــــم".
قفزة من الأرجوحة هاربة منه ليقوم هو باللحاق بها , ونتيجةً للفوضى التي أحدثاها هذان الاثنان وحسب أستيقظ كل من في المنزل .

~الـــنــــهـــايــــة ~

----------------------------
وفي النهاية
أنا لازلت مبتدأة لذلك لا تبخلوا عليَّ بردودكم التشجيعيه
والتي توجهني نحو الأفضل .
دمتم في حفظ الله .



  رد مع اقتباس