الزمان:لازمن..
المكان:لامكان..
الظلام يبسط ملكوته كرداء مخملي أسود..
ظلام لايمكن معه حتى معرفة الجهات..
ومن رحم الظلام ..تخرج الفرس السوداء كالليل ..يتمطى ظهرها فارس كأنما هو بعيد العهد بأيامها..
جانحة تجري به كالرياح لايملك من أمرها شيئاً ..
تقفز به حاجزاً فتسقطه أرضاً ..لكنه ينهض ويعود إلى ظهرها..
تنطلق به مرة أخرى أشد تمرداً من ذي قبل ..وإلى حاجز آخر تأخذه فلا يستطيع تجاوزه لأن نازك هي من أسقطته هذه المرة ..
وحينها يسقط لون الفرس الأسود وينقلب لونها أبيض كالثلج..
_هاه..وماذا بعد؟!
_انتهى الحلم واستيقظت ..
صمتت نازك وأخذت تعبث بتلك القلادة التي في عنقها ..ثم قالت وعي تنظر بعيداً:
_إني المح من وراء هذا الحلم إنذاراً لشيء سيقع..
إن هذا الحلم يختلف عن جميع أحلامي وخزعبلاتي يا"نادين"..
هذا الحلم لن يكفيه أن يأتي مرة واحدة..
_إن جياتك يانازك مليئة بمايجعل كهذه الأحلام تراود منامك ..والأحداث التي مرت بك في الماضي ربما لم تزل تسيطر على تفكيرك..
كانت "نادين" هي الصديقة الوحيدة تقريباً لنازك..تعرف عنها كل شيء..وتعلم عنها أنها بالكاد استاعطت تجاوز الأزمات التي عايشتها ..صحيح أن تفكيرها لم يعد كما كان من ذي قبل ..لكن "نادين" تثق بعقل نازك..
ولئن قالت إن هذا الحلم ذو شأن فهي والله صادقة..
وبروحها أرادت أن تلطف الجو قليلاً:
_لكن ألا يمكن أن يكون هذا الفارس هو فارس أحلامك الجديد يانازك..؟!
باستنكار أجابتها نازك:
_ماذا؟! أولا ليس لي فارس أحلام..ثم لتفرض أني أفكر بفارس أحلام كما تقولين أيتها المراهقة أيكون هذا؟!
شخص على فرس سوداء..ويتسربل السود ..وزيادة على ذلك لايعرف كيف يقودها..
أي فارس أحلام هو؟!
إن فارس الأحرم يرفلون في البياض على خيول بيضاء ..وأشكالهم..مهلاً "نادين"..لقد تذكرت..
_ماذا_في البداية رأيت الفرس سوداء ..لكنها كلما تقدمت بدأ لونها الأسود ينقشع من عليها ويخرج من تحته لون أبيض كأنما هو لونها في الأصل..
وحينما غاصت مرتها الأخيرة ..كان البياض يكسو معظم جسدها..
وبلهجة العالمة ببواطن الأمور ..وبأسلوب لايخلو من الفكاهة قالت "نادين":
_ولكن قولي لي يانازك ألم تتعر في ملامح ذلك الفارس ؟
هزت رأسها أسفاً نازك وهي تقول :
_للأسف ..
ما أن جلس إلى طاولته حتى بادره النادل بتحية المساء ووضع قائمة الطلبات بين يديه..تصفحها قليلاً ثم أعادها إليه ..وطلب أن يحضر له طلبه المعتاد ..