رد: [نقاش] الردود السطحية و اخفاء الروابط و علاقتها بمأسأة العموم و لعبة الصالح العام
كيف تبني مجتمعًا ؟
بقلم : بيتر هرفورد
لقد لاحظت أن عددًا لا بأس به على الإطلاق من الأشخاص مهتمين برعاية المجتمعات -
من حيث إنشاء المجتمعات و تحسينها لجعل أفرادها يعملون سويًا . لكن كيف نفعل ذلك
في الواقع ؟ ما الذي يمكننا أن نرعاه و نبني عليه ؟ ما الذي يجعل المجتمع يستمر و ينمو
، و كيف نستغل هذا لبناء أو تحسين المجتمعات ؟
لإجابة هذه الأسئلة لجأت إلى كتابين :
الأول هو : "البطريق و الليفايثان : كيف ينتصر التعاون على المصلحة الفردية بقلم
يوتشي بينكلر" . و بينكلر ليستطيع أن يتكلم عن المجتمعات التعاونية (مجتمع البطريق ،
المأخوذ اسمه من نظام تشغيل لينكس البطريق) و المجتمعات الهرمية (ليفايثان ، المأخوذ
اسمه من كتاب توماس هوب المدعو الليفانثان) يدرس علم النفس ، الاقتصاد ، و العلوم
السياسية التي تتناول التعاون و توضح ما الذي يجعل المحتمعات متماسكة .
الثاني هو : "الكاذبون و المطرودين : تمكين الثقة التي يحتاج لها المجتمع ليستمر بقلم
بروس شينير" . شينير يدرس الثقة و التعاون من قائمة تدير الرأس من العلوم المختلفة
(علم النفس ، علم الأحياء ، الإقتصاد ، علم تطور الإنسان ، علوم الكمبيوتر ، و العلوم
السياسية) . هدف شينير النهائي هو فهم ما الذي يمنع المجتمع من التفكك ، و ذلك ليتم
تطبيقه في بناء المجتمعات .
فلنرى ما لديهم .
# المجتمعات تحتاج للتعاون #
البشر يهتمون بمصلحتهم الشخصية و بمصلحة الآخرين بنفس الوقت ، و كل شخص
يختلف في مدى تركيزه على كل مصلحة من هاتين . و حتى في الشخص الواحد غالبًا ما
يتناقض هذان الهدفين . بالإضافة لهذا ،فـ"مصلحة الأخرين" تشمل عدة جوانب قد تناقض
أحيانًا مثل : اهتمام الشخص بمصلحة عائلته ، اهتمام الشخص بمصلحة جيرانه ، اهتمام
الشخص بمصلحة بلاده ، اهتمام الشخص بمصلحة النادي الخيري الذي ينتمي إليه . الخ
و ما يميز كل المجتمعات هو أنها تتضمن أشخاصًا قد وضعوا جانبًا جزءًا من مصلحتهم
الشخصية الفورية ليتمكنوا من العمل سويًا . على سبيل المثال ، عندما نعمل أنا و أنت
سويًا في مجموعة عمل ، فأنا قطعًا لن اضربك على رأسك و اسرق ثمن غدائك ، و أنا في
العادة لن أكون "راكبًا مجانيًا" وأدعك أنت تقوم بكل العمل لوحدك ، لكننا نعمل سويًا لحل
مشكلة مشتركة و لنقدم الفائدة للمجتمع الذي ننتمني إليه.
# الصالح العام و الركاب المجانيين #
كمثال على محاولات علم النفس لتبسيط و محاكاة مجتمع فهناك "لعبة الصالح العام" . في
هذه اللعبة ، تقوم مجموعة من 10 أشخاص بالجلوس سويًا و يتم اعطاء كل منهم 10
دولارات ليبدأ بها اللعب . ثم يتم اللعب لعدة جولات . في كل جولة يقوم كل لاعب بوضع
مبلغ لا يراه احد غيره في صندوق مشترك بين كل اللاعبين . و بعدها يقوم المشرفون
على التجربة بأخذ الصندوق و مضاعفة المبلغ الموجود بداخله ، ثم يعيدون توزيع المبلغ
الناتج من المضاعفة بالتساوي على اللاعبين . و كمكافاة ، يقوم المشرفون على التجربة
باخبار اللاعبين بأنه بإمكانهم الذهاب بمكسبهم النهائي و اخذه لبيوتهم بعد انتهاء اللعبة .
لو كل شخص تصرف بطريقة مناسبة في المجتمع ، فكل لاعب سيجد أنه يستلم ضعف
المبلغ الذي وضعه في كل جولة . لكن المشكلة هي أنه إذا لم يقم البعض بوضع أي مبلغ
في الصندوق عند بداية الجولة ، فهم سيكسبون نقودًا أكثر نتيجة لما وضعه الأخرون
عندما يتم توزيع النقود في آخر الجولة . و هذه تدعي "مشكلة الركاب المجانيين" : و هي
أنه يوجد تعارض بين رغبة الشخص في المساهمة بالنقود في الصندوق لمصلحته
الشخصية و مصلحة المجتمع ككل و بين الرغبة في عدم المشاركة ليصبح مكسبه أكبر .
# مشكلة الركاب المجانيين و السلوك الجماعي #
لكن هذا التعارض يمكن أن يتسبب في كارثة أكبر ، إذا تخيلنا مثلاً أن الكل قد قرروا أن
يصبحوا ركابًا مجانيين و ألا يتعاونوا مع المجموعة - في هذه الحالة لن يكون هناك أي
مال في الصندوق ، و سيرجع كل شخص بالمبلغ الذي كان معه عند بداية اللعبة . هذا
يصبح أسوأ عند محاولة تخيل هذا الموقف في الحياة الواقعية - مثلاً صيادي السمك في
بحيرة .
يمكن لكل صياد أن يختار أحد خيارين - إما أن يصطاد الكمية المسموح بها أو يصطاد
بكميات أكبر من المسوح به . إذا قرر كل الصيادين أن يصطادوا أكثر من المسموح به ،
فسوف تنتهي اسماك البحيرة و سيخسر كل الصيادين وظائفهم . لكن ، اذا قام البعض فقط
بالاصطياد أكثر من الطبيعي ، فهم سيستفيدون من السمك الاضافي و يتمكنون من بيعه ،
و يمكن للبحيرة أن تتحمل خسارة الكمية التي اصطادها هؤلاء الصيادين . لهذا هناك
تعارض عند كل صياد بين رغبته في أن يصطاد أكثر من الكمية المسموحة ليزيد مكسبه
الشخصي ، و بين رغبته في عدم انهاء اسماك البحيرة لمصلحته و مصلحة الجميع .
هذه المشاكل تسمى "مشاكل السلوك الجماعي" - المواقف التي لو رفض فيها فرد واحد
التعاون سيكون مكسبه اكثر ، لكن لو فعل الجميع هذا فسوف تكون النتيجة سيئة للجميع .
و النتيجة النهائية لمواقف "مشاكل السلوك الجماعي" الي تنتهي بكارثة تسمى "مأساة
العموم"
# حل هذه المشاكل في المجتمع باستعمال الدوافع الأربعة للتعاون #
بروس شينير يذكر انه في العادة نحن لا نفكر في مشاكل الركاب المجانيين هؤلاء و لا
نحاول التصرف بطريقة تنجينا منهم - نحن فقط و بشكل غريزي نتعاون مع البقية . نحن
لا نفترض أن الآخرين سوف يسرقوننا و لا نحن في العادة نسرق الآخرين - هذه هي
طبيعنا كبشر . لكن لماذا ؟ شينير يقترح أن التعاون يمكن صنعه و الحفاظ عليه عبر اربعة
دوافع مختلفة ، و كيفية استعمال كميات مختلفة من انواع الدوافع المختلفة هذه في
المواقف المختلفة و الحفاظ على التوازن الصحيح بين هذه الدوافع هو الجزء الجوهري
في كتابه :
1) الدافع الاخلاقي : العديد منا - لكن ليس كلنا - لدينا مشاعر اخلاقية مختلفة تدفعنا
للتعاون . و قد تكون هذه المشاعر بسيطة مثل الشعور بالذنب عند عدم التعاون ، او
معقدة مثل الاقتناع بفكرة مجردة مثل العدالة . بالنسبة لمعظمنا ، الشعور هو شعور عام
بأن "التعاون هو "التصرف الصحيح" و أن عدم التعاون لتحقيق أكبر مكسب شخصي هو
"تصرف خاطيء" و نحن لا نريد فعل هذا . و كل من شينير و بينكلر وجد أن الدافع
الأخلاقي يدفع التعاون و يشجعه بشكل يفوق التوقعات بشدة .
2) دافع السمعة : جزء اخر من العيش في مجتمع لفترة طويلة هو أن يصبح لك سمعة
تعيش بها . و بعدم التعاون مع المجتمع يمكنك أن تكسب لبضع مرات ، لكن بعدها سينتبه
الاخرون لهذا و يحاولون ايقافك . ربما يرفضون صداقتك ، او يرفضون أشياء اخرى
تطلبها منهم ، او حتى يقومون بطردك من المجتمع بالكامل ! بينكلر وجد أن العديد من
المجتمعات تعيش على دافع السمعة لوحده مثل amazon و ebay و reddit
3) الدافع القانوني : الاخلاق و السمعة لوحدها ليست نهاية المطاف ، فبعض المجتمعات
لديها قواعد سلوك محددة و مكتوبة تطبقها مع عقوبات محددة و مكتوبة . و هذا الدافع
يتجسد في القانون ، و الخوف من مخالفة القانون ، و أن تتم معاقبتك و بوسع هذا زيادة
التعاون مع المجتمع . و أفضل من هذا ، يمكن أيضًا أن يتفق جمع أفراد المجتمع على
تطبيق هذه القوانين لادراكهم انه من مصلحة كل فرد منهم أن يقوموا بالعمل بها و جعل
الاخرين يتقيدون بها لتجنب حصول مآساي العموم .
4) الدافع الأمني : أخيرًا ، هناك دائما أشخاص سيقومون بوضع الاخلاق و السمعة و
القوانين جانبًا و يحاولوا أن يعملوا ضد المجتمع على أي حال . و لهؤلاء فنحن نأمل أن
نوقفهم أو نجعل عملهم اصعب باستعمال انظمة امنية او تقنية معقدة . و يمكن أن تكون
هذه الانظمة بسيطة مثل استعمال كاميرا مراقبة او معقدة مثل فورت نوكس . الدافع
الامني يعمل بشكلين : الاول هو ان يجعل عدم التعاون اكثر صعوبة و بهذا يجعل اغراء
عدم التعاون اقل . و بنفس الوقت فهو يقوم بتسهيل التعرف على و معاقبة من يصرون
على المحاولة بعد هذا .
# عودة للعبة الصالح العام #
لتوضيح هذه الأربع نقاط يقدم بينكلر العديد من الأمثلة الواقعية ، مثل سياسيات الشركات
المختلفة ، و التعامل على الانترنت . و يعود ايضًا لتطبيق هذه النقاط على المثال بتجربة "
لعبة الصالح العام" للمزيد من التأكيد و العودة لها تستحق التأمل .
في لعبة الصالح العام ، المساهمات في الصندوق كانت تطرح بالسر و لم يكن مسموحًا
للأعضاء بالحديث او التواصل . في العادة ، كان نسبة مشاركة الأشخاص كبيرة في
البداية (عادة كان الاشخاص يساهمون بـ 70% تقريبا من حصتهم) ، لكن هذه النسبة
تنخفض عندما يشاهد المساهمين أن الاخرين لا يساهمون ، عندها يبدأون في الشعور
بأنه يتصرفون بغباء و تدخل الرغبة في العدل في تصرفاتهم .
# لعبة مختلفة #
لكن نسخ مختلفة من "لعبة الصالح العام" توفر حلاً لهذا الوضع . فعندما تم السماح
للاعبين بالحديث مع بعضهم ، زادت المساهمات . كذلك زاد التعاون
عندما تم السماح للاعبين باستخدام جزء من اموالهم لمعاقبة الذين لا يساهمون (مثلاً دفع
3 دولارات مقابل الا ينال الشخص الذي لا يساهم حصته اذا كان لم يتعاون في الدور
السابق)
حتى مجرد جعل المشاركات علنية جعل التعاون يزيد (دخول دافع السمعة في الموضوع) .
و عند تطبيق غرامات بسيطة على الغير متعاونين ، زاذ هذا من نسبة التعاون (الدافع
القانوني) و كانت هذه الغرامات فعالة جدا عندما كان من المسموح للمجموعة بأن
يصوتوا على قيمة الغرامة التي يدفعها غير المتعاونين .
# الخاتمة #
في النهاية ، إنشاء المجتمعات يعتمد بشكل اساسي على رعاية التعاون ، و يمكنك أن
ترعى التعاون بالتأكد من أن هناك ثقة متبادلة و أن هناك وسيلة لمنع الذين لا يتعاونون
من استغلال النظام . البشر في العادة لا يرغبون في عدم التعاون ، لكنهم يفعلون اذا
وجدوا أن الاخرين قد لا يتعاونوا ايضا .
التوقيع |
تسلم ايدينك الفنانة على أجمل توقيع و رمزية يا أطيب هارت
في الدنيا
[/size][/font][/b] [/center]
|
|