والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ^_^ ...
أهلاً ومرحباً بك أخي وصديقي العزيز [ ناصر الأميري ] في منتديات أنيدرا من جديد ^_^ ...
مقاعد المر .. عنوان جديد وفريد من نوعه، يأتي مخالفاً للعناوين التي سبقتها ومضت في دربها ...
حسناً، سنرى ما لدينا في هذا اليوم .. وبسم الله نبدأ ^_^ ...
أرى أنك قد قمت بتقسيم عملك هذا، إلى عدة أقسام، وكل قسم منها يختلف عن الآخر سواء بالمحور أو بطريقة الكلام ...
فكان لنا لقاءً، مع خمسة أفكار رئيسية، تشمل ما احتوى عليه النص من حديث ...
وهي ( حال المجتمع، قصة التاجر المديون، قصة الأم الخائفة، غضب شديد، تبدد العتمة ( ...
- فالبداية كانت مع نظرة عامة حول حال البشر، سواء أكانت الفرحة المصطنعة باديةً عليهم، أو أن الحزن الكئيب قد أحاط بهم...
في هذا المقطع، تركز الحديث حول المخاطبين، وهم جمعٌ دون القليل .. وفي آنٍ واحدةٍ، يـُنظر إلى تجمعاتهم نظرة تختلف عن الأخرى..
فتارةً، تراهم كما وصفت ( محزونون )، وتارة أخرى ( يضحكون ) .. وما تلك الحالتين، إلا بطبيعة الحال، من علامات البشر ...
كما أنك وصفت، أن ما يفعلونه أو حتى ما يقولونه، لا يكسب لمتلقيه أي سعادةٍ أو فرج .. فما يقومون به لا مجدي له على الإطلاق ..
قيامك بذكر قصة الشيخ المعروفة، مع أبناءه السبعة ( ولكن في اختلاف العدد ) يثير الاستغراب ..
فهل أردت بذلك، مجاراة وزن النص بالجمع، أم كانت هناك روايةُ أخرى، تصف الـ سبعة بـ السبعين !!؟
بالإضافة إلى ذلك، فإن ما ذكرت عن طيران الطيور في أسرابٍ منظمة على شكل زاوية، ما هو إلا فطرة، علمها الله تعالى لمخلوقاته ..
فبذلك، تستطيع الطيور التخفيف على أنفسها، أثناء الطيران، إذ يتقدم أقواها إلى الأمام، ويتبعه في ذلك من يتبع، ليعمل في السماء طريقاً، يمشي خلفه الضعفاء ..
هناك ملاحظة اثارت استغرابي في قولك “ ولا لي معرفةً بكيفيّة مساعدتهم لعدم معرفتي بما لديهم مكنون!”
فقد قمت هنا، بتكرار كلمة ( معرفة ) في شكلٍ متتالٍ .. فقد قمت باجتناب قول كلمة ( لجهلي ) بكلمة ( لعدم معرفتي (
وكأنك بذلك، تبعد نفسك عن دائرة الجهل، وما تحيط به معانٍ مرادفة، وتقترب من ( المعرفة ) بقلة وصولها إليكم ..
- بعدها، إنتقل حديثك عن مخاطبة الغير إلى النفس... ولكنك قمت بذكر بعض النقاط، والتي لم يتم شرحها أو تفسير فحواها في قولك (ولكنهم لا ينطقون رغم أني لهم أجاور ...) فسياق الحديث الذي يليه، لم يشتمل على ذكر أية نقطة من تلك النقاط الآنف سردها...
فحتى الطرد، لم أقرأ له ذكراً فيما تلى، إلا ما حدث في نهاية القصة...
- الآن، بعد الانتقال من تلك المقدمة الشيقة، تأتينا الآن، قصتين مختلفتين، تظهران حال شريحة كبيرة من مجتمعنا للأسف الشديد...
ففي القصة الأولى: يظهر لنا شخص، يبدو في الأربعين من العمر، وقد انقلب حاله من بعد يسرٍ وخير، إلى تعسٍ وفقر ..
وما كان سبب ذلك، إلا الطمع بما لدى الغير، وجحد النعمة والخير ...
ولكن، هناك سؤال يدور في الذهن .. إذ كيف علمت مسبقاً، بأن الشخص الذي تحادثه، قد خسر تجارته وأمواله، وأنت تقوم بسؤاله لاحقاً عن سبب ما ألم به !!؟
يجدر في هذه النقطة كما أرى، أن يتم الإشارة بطريقةٍ ما، أنك علمت لاحقاً، بأن من تحادثه، قد خسر المال والتجارة، كأن تقول :
“فها أنا ذا أرى الذي علمت لاحقاً أنه قد خسر تجارته وأمواله .. “ أو باستخدام سياقة أخرى ...
نكمل قصة هذا التاجر .. والذي تبدأ مأساته بالنظر كما ذكرنا، إلى الناس المحيطين به .. إذ أنه لم يلقي بالاً ولو لوهلة، للأناس الذين يقعون تحته في المنزلة والعيش .. فاغتر بنفسه، وسلم ماله لمن وعده بجني الأرباح بالمال اليسير ...
فعند تسليمه لما لديه لشخصٍ، رأى من مظهره الخارجي فقط، أنه صاحب عزة نفس، ولم يكلف أي جهد، في التحري عن ما يحتويه هذا الوجه الوسيم، من خبايا ومخاطر، قد تحدق به في يومٍ من الأيام ...
في نهاية الجملة، تذكر أنه هرع لطلب النعيم ... وما ذلك، إلا استعجال وتسرع، فاقا التقدر والتفكر ... والنعيم المرجو، كمن يسلم الحـَّل والحلال، ويرقد في كنف البيت، منتظراً ومترقباً المال القادم إليه ...
وقد سمعنا ورأينا من هذه الأمثلة مالا يدخل إلى عقل متفكر لبيب.. والأعجب من ذلك، أن هذه القصص، صارت مألوفة، لدرجة عدم اتعاظ الناس منها، أو الحذر منها ...
من جانبٍ آخر، فإن الحريّ بالإنسان، نبذ الكسل وراءه، والسعي بجدٍ أمامه، ليبتغي من ذلك النفع والسعادة ...
في جملة “ وبدأت في جمع الأموال... “ فإنك تصف هنا وبوضوح، أن صاحبنا هذا، لم يكن يقوم سوى بـ جمع الأموال التي حصلها، وقام بعدها وحسابها منتشياً من الفرحة .. وبعد ذلك، وفي أثناء سعادته، قام وبكل بساطة، بالتوقيع على العديد من الأوراق والتي ذكرت في قولك “ من مشروعٍ إلى مشروع “، والذي دلّ على أنه قد تنقل بالمشاريع، إلى درجة الكثرة والزيادة ...
أما بـ “ من محلٍ إلى محلات “ فهذا دليل التوسع في التجارة، بالإضافة إلى مجاورة التجارة بالمحلات العدة والكثيرة ...
وبذلك، فقد وصل حقاً إلى الدرجة التي طلبها كما تمنى .. ولكن، بعد أن أصبحت ثقته عمياء تماماً بالرجل الوسيم ..
والذي أتضحت بعض خفايا هذا المحتال، إذ اغتنم فرصة تمني الرجل بما عند الآخرين، فاتاه بمظهرٍ حسن، وجامله في القول، حتى سال اللعاب، وشوقه لسماع صوت الدرهم والدينار...
“ وبتُ مرتاح البال حتّى انقلب الحال! “
مرةً أخرى، تلفت انتباه القارئ، إلى حال التاجر النائم، والذي كان قابعاً لا يدري عن شيء، وقد أراح باله، وترك المحتال يفعل ما يشاء ...
وفي عبارة “ حتى انقلب الحال “ لفت انتباه القارئ، وجذب الانتباه لتغير مجريات الأحداث، وحدوث أمرٍ جديد، غير ما ذُكِـرَ مسبقاً ..
هذه هي نتيجة من أراد السعادة بلا جهدٍ ولا معرفة ... وليس الأمر بالخداع، أكثر من كونه
( استغلال ) كون التاجر سهل الصيد ...
كلمة [ مجنون ]، أليست غريبة في هذا الحديث ... فلوربي لو كانت موجودة، لتم لصقها بـ التاجر المجنون، وليس بالسارق المحتال ...
ومن جهةٍ أخرى، فهذا يدل على غيظٍ شديد ألم بالتاجر، ورغبته باللعن على حاله، وعلى ذلك الوسيم ...
“وانتظرت في مكانكَ انتظاراً تراقب عن بعدٍ“
لعله كان [ يترقب عن بعد ] وصول المال ، فلم يبذل أي جهد، حتى بالمراقبة، أو التحري عن ما يحدث وراءه !!!
وليشرب من ما فعل جزاءً له ..
“وإرادته أن يحملوا همّه، “
حتى وإن سقط الإنسان بسبب ما حدث، فالواجب عليه أخذ العبرة مما كان، وأخذ الحيطة بما سيكون ..
فلو بدأ من جديد، وحاول استدراك أخطاء الماضي، فيمكنه بإذن الله، من تحقيق ماكان له، والابتعاد عن زاوية الفقر الملعونة ...
في قولك “ليبتعد الشّيخ” استنفار تام وكره كبيرين لهذا الرجل، إذ لم تقل ( لأبتعد عن الشيخ ) بل كان عكس ذلك
مما يدل على عدم الرغبة قطعياً بالنظر إليه، أو اكمال الحديث معه ...
- إلى هنا، تنتهي قصة الشيخ، لتبدأ قصة المرأة الغريبة... المرأة التي لم تفعل سوى الهروب بعيداً عن مصائبها وشقائها، وفضلت الجوع والشفقة من الآخرين، على مواجهة تلك المشاكل التي خلفتها...
“لم أتحدّث إليهم البتّة... “
ياللأسف حقاً، فكم من مصيبةٍ يبتلى به المرء، ويقف مكتوف اليدي، لا يعرف حقه وكيف يطالب به ..
وحتى لو علم بذلك، فإنه يخشى من المواجهة، أو من طلب النصرة .. فلا خير فيهم في هذه الحالة ..
“لقد خفت من المجهول وانتظرت من يساعدني حتّى حين...”
الإنتظار وحده، لا يغير شيئاً، ودعاء الرب لن يحرك أمراً
فقد أُمرنا بالأخذ بالأسباب، قبل الدعاء، والسعي قبل النداء ....
ولكن، وا أسفاه على الحال، ولجهل البعض بالحياة ..
- بعد كل ما سبق من قصتين فظيعتين، وتشبع النفس من الغيظ... يكاد المرء ينفجر بما كتمه، ويبدأ في الرغبة بتغير ما حوله...
“بقوا على مقاعد المرّ ينتظرون؟! “
هنا، يظهر معنى عنوان النص، فما هذه المقاعد، إلا بالأماكن التي ركن إليها المرء باقياً، غير متزحزٍ منها . حتى وإن تشرّب من مرارة العيش في هذه المقاعد...
يتبع ...