البارت الثاني عشر
كل يوم يمر الان في لونجبورن يمر مليئا بالقلق و الاضطراب و اكثر اللحظات قلقا عندما يصل ساعي البريد . لم يصل خبر جيد من السيد كاردنر . لقد كتب ان وكهام ترك برايتون و هو مثقل بالديون و ان ديونه في احسن احوالها لا تقل عن الف جنيه .
وصلت رسالة الى السيد بنيت من السيد كولنز . و استغلت جين غياب والدها ففتحت الرسالة و قرأتها هي و اليزابيث . و الرسالة كما يلي :
عزيزي السيد
أعرف ان من الواجب ان اقول كم انا حزين من اجلك . فسماع موت ابنتك افضل بكثير من السماع بعارها . و بلا شك فأن تصرفها هذا نتيجة طبيعية لتربيتها و لكنه ايضا نتيجة شرها الطبيعي .
اشعر يا عزيزي السيد ان اكثر من يؤسف له هو انت و تشاركني زوجتي هذا الشعور و كذلك الليدي كاترين و ابنتها . و اتفقوا معي أن هذا العار سيلحق الاذى بكل بناتك . فمن سيتزوجهن الان ؟ و اعتبر نفسي محظوظا بأن زيارتي لكم في نوفمبر الماضي انتهت على تلك النهاية .
دعني انصحك ايها السيد العزيز أن تتخلص من ابنتك الشريرة هذه و الى الابد .. دعها تجني ثمار خبثها و شرها .
المخلص لكم
وليم كولنز
كانت جين تبكي و هي تقرأ هذه الرسالة القاسية و كانت اليزابيث غاضبة جدا . و قررتا ان تحتفظا بهذه الرسالة لنفسهما و عدم اطلاع بقية افراد العائلة عليها . و من حسن حظ البنتين أن ساعي البريد جلب رسالة من السيد بنيت يخبرهما بعودته الى البيت و سيترك مهمة البحث عن ليديا للسيد كاردنر فهو رجل عملي اكثر منه .
لم ترض السيد بنيت ابدا عندما سمعت هذا الخبر و صاحت :
- ماذا ! هل سيعود السيد بنيت الى البيت من دون ليديا المسكينة ؟! من سيتشاجر مع وكهام و يجبره على الزواج منها اذا عاد السيد بنيت الى البيت ؟
كان السيد بنيت يبدو هادئا كعادته في السابق عندما وصل الى البيت و مر بعض الوقت و السيد بنيت لم يذكر أي شيء عن ليديا و لم تجرؤ أي بنت من بناته على ان تسأله أي سؤال . الا انه لما اجتمعت العائلة لتناول الشاي مساءا قالت اليزابيث بهدوء :
- نحن متألمات من اجلك ايها الوالد العزيز ! فلقد عانيت الكثير الكثير !
- ارجوكِ لا تتكلمي عن هذا فأنا استحق هذا العذاب و استحق اللوم ( صمت قليلا ثم اكمل قائلا لأليزابيث ) كنتِ على حق عندما نصحتيني في مايو الماضي . كان يجب ان أخذ بتلك النصيحة لو فعلت ذلك لما حدث هذا ابدا ( في تلك اللحظة جاءت جين لتأخذ الشاي لوالدتها ثم قال في طريقته الساخرة المعتادة ) سأتبع نموذج السيدة بنيت . سأجلس غدا في مكتبي و كأسي في يدي و سأخلق الكثير من المشاكل بقدر ما استطيع .. و لم لا ( توقف قليلا ثم اكمل قائلا ) كلا ربما سأنتظر حتى تهرب كاتي
فقالت كاتي :
- لا أنوي الهرب ابي !! و اذا ذهبت الى برايتون فلن اتصرف ابدا مثلما تصرفت ليديا
- تذهبين الى برايتون ؟! كلا عزيزتي كاتي ! لن تذهبين الى أي مكان قريب من ذلك المكان و لن اسمح ابدا بدخول الضباط الى منزلي مرة اخرى و اذا رغبتي بالرقص فأرقصي مع شقيقاتكِ و في البيت
بدأت كاتي بالبكاء عندما ظنت ان والدها كان جادا في حديثه فقال السيد بنيت :
- حسنا ! حسنا ! لا تبكين ! اذا كنتِ بنتا طيبة للعشر سنوات القادمة سأخذكِ لرؤية استعراض الجنود !
و بعد يومين من عودة السيد بنيت وصلت رسالة من السيد كاردنر . علمت جين و اليزابيث بهذه الرسالة اولا من مدبرة المنزل التي جاءت اليهما في الحديقة و اخبرتهما .. فقالت جين :
- المعذرة مدام و لكن أتسمحين لي ان اسأل اذا كان السيد قد تسلم خبرا مفرحا من لندن ام لا ؟
- اوه نعم انستي لقد وصلت رسالة عاجلة من السيد كاردنر قبل نصف ساعة
فهرعت الانستان الى البيت لأيجاد والدهما لكنه لم يكن هناك فأخبرتهما احدى الخادمات و قالت :
- رأيته قبل عشر دقائق متجها نحو الغابة
خرجت السيدتان الصغيرتان من البيت و اتجهتا نحو الغابة أسرعت اليزابيث راكضة الى ابيها فوصلت قبل جين قائلة :
- اوه .. ابي !! ما هي الاخبار ؟! سارة ام سيئة ؟
- و ما هي الاخبار المفرحة التي يمكن ان نتوقعها ؟
ثم اخرج الرسالة من جيبه و سلمها لأليزابيث و قال :
- ربما تودين قراءتها بنفسكِ
في تلك اللحظة جاءت جين مسرعة و لاهثة فقال والدها :
- اقرئيها بصوت عال
قرأت اليزابيث الرسالة بصوت مرتفع :
كنيسة القديس ..
لندن في الثاني من اب
أخي العزيز
في النهاية استطيع ان ارسل لك خبرا مفرحا .. لقد عثرت على وكهام و ليديا فهما غير متزوجين الى الان , في الواقع انهما لا ينويان الزواج أل ان الشاب وافق على الزواج من ليديا اذا وافقت انت على شروطه , و انا متأكد أنك ستوافق على هذه الشروط . الشرط الاول : يجب ان تتعهد بأنك تترك لليديا حصتها كاملة و البالغة خمسة الاف جنيه و التي ستؤول لبناتك بعد وفاتك ووفاة السيدة بنيت .
الشرط الثاني : يجب ان تتعهد بأعطاء ليديا مبلغا سنويا لا يقل عن مئة جنيه و ستفهم من هذا ان السيد وكهام ليس بلا مال فسيظل لديه بعض المال ليعيش عليه لما يوفي كل ديونه . ليس من الضروري ان تأتي الى لندن سأرتب انا كل شيء .
لكن ارجو ان ترد على هذه الرسالة بأسرع ما يمكن . فستتزوج ليديا من بيتنا اذا وافقت .
مع اطيب تمنياتي لكل العائلة
المخلص لكم
ادورد كاردنر
فسألته اليزابيث :
- الم ترد على الرسالة ؟
- الى الان لا لكني سأرد عليها الان
- يجب ان يتزوجا و يا له من رجل خبيث !!
فقال السيد بنيت و هو يتجه نحو البيت :
- نعم يجب ان يتزوجا فليس هناك شيء اخر يجب ان يتم غير الزواج ( ثم توقف فجأة و استدار نحو اليزابيث و جين قائلا ) هناك شيئان اثنان يجب ان اعرفهما .. الاول كم من المال اضطر خالكما لدفعه حتى يقنع وكهام بالزواج و الثاني كيف سأسدد له هذا المال ؟!
فسألته جين :
- ما اضطر خالي لدفعه ؟!! ماذا تقصد ؟!!
- لا اقصد غير ان الاحمق سيتزوج ليديا بشروط كتبت في الرسالة . لكن وكهام ليس ابلها عندما يتعلق الامر بالاموال فلا بد من ان يكون خالك قد عرض عليه مبلغا لا يقل عن عشرة الاف جنيه حتى يقنعه بالموافقة على مثل هذه الشروط
- عشرة الاف جنيه ! لا نستطيع ان نرد نصف هذا المبلغ !!
لم يرد عليها السيد بنيت و انما استدار ليكمل طريقه نحو المنزل .. لحقته الفتاتان و ساروا معا الى المنزل و كل منهم يفكر بعمق .
ذهب السيد بنيت مباشرة الى مكتبه ليرد على الرسالة و ذهبت الانستان لأخبار والدتهما بهذا النبأ ففرحت به كثيرا و لم تشعر بالخجل من تصرف ابنتها على الاطلاق و لم تسأل نفسها فيما اذا كانت ليديا سعيدة ام لا ؟! . فقالت :
- يا له من خبر مفرح !! ستتزوج و عمرها لا يتجاوز السادسة عشر !! كم انا مشتاقة لرؤيتها و لرؤية العزيز وكهام !! لكن ملابس زفافها ! سأكتب للسيدة كاردنر حول هذا الموضوع ( ثم التفتت الى كاتي و قالت ) اضربي الجرس للخادمة يجب ان ارتدي ملابسي حالا يجب ان اذهب الى برايتون لأخبر شقيقتي بهذا النبأ السعيد و عند عودتي سأزور الليدي لوكس و السيدة لونج
لفتت جين انتباه والدتها حول المساعدة التي ابداها خالها و من يعرف كم كلفته فردت عليها السيدة بنيت :
- انه خالها و من واجبه مساعدتها ( ثم اكملت حديثها ) اووه كم انا سعيدة ستكون لي بنت متزوجة عما قريب .. السيدة وكهام !! اووه كم سيكون ذلك جميلاً ! و عمرها اصبح ستة عشر منذ حزيران الماضي !! اووه عزيزتي ليديا !!
و في الحال تحسنت صحة السيدة بنيت ثانية و اختفت اوجاع رأسها و نسيت اعصابها المتعبة و امتلأ قلبها فرحا و راحت تخبر كل من تصادف في طريقها بخبر زواج ليديا القريب دون ان تشعر بأي خجل و لمتفكر بشيء سوى الملابس التي ستشتريها لليديا و بعربة لها و خدم و بيت .
فقال زوجها لها :
- سيدة بنيت يمكنكِ ان تختاري أي بيت تحبين لأبنتكِ لكنها لن تدخل بيتي ثانية على الاطلاق
تبع هذا الكلام شجار طويل لكن السيد بنيت كان حازما و رفض ان يعطي بنساً واحدا لشراء ملابس زفاف ليديا فدهشت السيدة بنيت كثيرا و شعرت السيدة بنيت بالاحراج الشديد لهذا الامر اكثر من شعورها بالخجل من تصرف ليديا .
لم تشعر اليزابيث بالاسف لأنها اخبرت السيد دارسي بتصرف ليديا . لقد كانت متأكدة ان العار الذي جلبته ليديا لا بد من ان يكون قد حطم حبه لها . فربما لن تراه ثانية ابدا و الآن كم كانت سعيدة لو انها قبلت العرض الذي رفضته قبل اربعة اشهر فقط !!
تزوج وكهام من ليديا في منزل السيد كاردنر في لندن و قدما الى لونجبورن بعد حفلة زفافهما مباشرة و قد توسلت اليزابيث و جين بوالدهما ان يستقبلهما و في النهاية وافق على ذلك و جلست كل العائلة في غرفة الافطار ينتظرون استقبال العريس و العروس .
و عندما وصلا هزت ضحكة ليديا الغالية جدران القاعة و فتح الباب على مصراعيه فدخلت و استقبلتها امها بفرح و ابتسمت بحب للسيد وكهام حيث وقف هناك و الابتسامة السارة تعلو شفتيه . اما السيد بنيت فقد استقبلهما ببرود و لم يفتح فمه بكلمة و دهش هو ابنتاه الكبيرتان من عدم وجود حياء للزوجين . فليديا هي ما زالت ليديا الوقحة و الثرثارة و الجريئة و راحت تنتقل بين شقيقاتها و تطلب منهن ان يباركن زواجها . و السيد وكهام كما كان في السابق .. جمال فتان و ادب كبير . ليس هناك ضرورة لأي حديث بين الام و العروس . كانت ليديا تتكلم بسرعة كبيرة و لم تستطع أي من البنات ان تتكلم بسرعه كافية !! فصاحت ليديا :
- اوه , ماما !! هل يعرف الناس في ميرتون بأني تزوجت هذا الصباح ؟! لقد اخرجت يدي من نافذة العربة حتى يرى الجميع حلقة زواجي .
لم تتحمل اليزابيث ان تسمع المزيد فصعدت الى غرفتها لتبتعد عنهما تماما . و عندمت نزلت لتتناول غداءها كانت ليديا تقول لجين :
- يجب ان اجلس الى جانب والدتي و يجب ان تذهبي انت الى مكان اخر فكما تعلمين اني امرأة متزوجة
سألت ليديا والدتها بعد انتهاء وجبة الغداء :
- حسنا ماما ماذا تظنين زوجي ؟ اليس رجلا جذابا ؟ انا متأكدة ان شقيقتاي يحسدنني عليه , حسنا يجب ان يذهبن الى برايتون . فهي احسن مكان لأختيار الازواج او اذا قدمن لزيارتي فسأجد لهن ازواجا
فردت عليها اليزابيث :
- شكرا لكِ لكني لا احب طريقتكِ في الحصول على زوج
كان على السيد وكهام و ليديا ان يمكثا عشرة ايام في لونجبورن بعدها ينضم وكهام بفرقته العسكرية في شمال انكلترا . قبل ايام قليلة من مغادرتهما قالت ليديا لأليزابيث :
- لم تسمعي ابدا بقصة زفافي اليس كذلك ليزي ؟ لم تكوني حاضرة عندما اخبرت الاخرين الا تريدين ان تسمعيها ؟
- كلا
- يا لكِ من بنت غريبة ليزي ! انا متأكدة انكِ تريدين سماعها
- لا اريد
- انها قصة مثيرة في اخر دقيقة طلب مني خالي القيام بعمل ما . و تأكدت اننا سنتأخر كثيرا في الكنيسة . لكن و بالطبع كان السيد دارسي هناك و كان بأمكانه ان ينوب عن خالي
فكررت اليزابيث كلامها بدهشة :
- السيد دارسي كان هناك !!
- نعم كان هناك .. اوه يجب علي ان لا اخبركِ بذلك لقد عاهدت عزيزي وكهام ان لا اخبركِ بذلك . فسيغضب الان معي ..
قالت جين :
- سوف لن نقول شيئا
فقالت اليزابيث :
- بالتأكيد لن نقول
لكن اليزابيث كانت متلهفة لسماع المزيد . ذهبت في الحال الى غرفتها لتفكر بهدوء .
يجب ان تعرف , فكتبت الى السيدة كاردنر في الحال و طلبت منها ان توضح لها الامر .. فقالت مع نفسها : يجب ان اعرف !!
لماذا حضر السيد دارسي حفلة زواج شقيقتها ؟ و ماذا يمكن ان يكون السبب ؟! اذا اردتم معرفة السبب فتابعوا البارت قبل الاخير من روايتي الاولى .. كبرياء و هوى
وأنا بانتظار البارتين الأخيرين ع احر من الجمر
بس ولا يهمج انا راح انتظرج اوني لين ما تكملين الرواية 
العرض العادي
