أصاب الطّفل الإعياء بعد أن طال به البكاء، فاستند إلى الحائط واستغرق يتأمّل القصر بصمتٍ وعينيه تبلّلهما الدّموع . . .
لاحَ أمام ناظره الدّرج الذي يؤدّي إلى طوابق القصر العلويّة، وتذكّر المخزن الذي يقع تحت درج منزله، فنهض مسرعاً علّه يجد باباً يمكنّه من الخروج من القصر، ولكنّه لم يجد شيئاً، فاشتدّ به اليأس وفقد الأمل في الخروج من القصر المشؤوم، فهوى على جدار الدّرج خائباً متحسّراً على حاله؛ فانقلب الجدار إلى الوراء حاملاً إيّاه إلى داخل الدّرج وسقط مغشياًّ عليه . . .
مرّت ساعات حتّى رمش الطّفل بعينيه واستعاد وعيه، فنهض وإذا بظلامٍ دامسٍ يحيط من حوله، فأصيب بالذّعر ولم يعرف ما الذي يمكن أن يفعله فبدأ بالصّراخ: - أريد أمّي ... أريد أمّي ... مامااااا ... مامااااا . . .
سمع الطّفل صوتَ قهقهةٍ تأتي من بعيد، فسكت وتبع مصدرها متّكئاً بالجدار بحذرٍ شديدٍ، وبعد برهة بدأ بصيصُ نورٍ يلوّح أمام ناظريه، فسارع الطّفل خطواته علّ وعسى أن يجد مخرجاً من هذا الكابوس . . .
وعندما وصل إلى نهاية الدّرب صُدِمَ ممّا رآه أمامه، فقد وجد أطفالاً مقيّدي اليدين معصوبي العينين مكمّمي الفم . . .
دبّ الذّعر في قلب الطّفل، وبدأ يبحث عن مخرجٍ يمكّنه من الهرب، فوجد باباً في نهاية الغرفة فركض نحوه مسرعاً هارباً من المنظر المرعب الذي أمامه . . .
أمسك بقبضة الباب ليفتحه وإذا بيدٍ على كتفه، وصوتٍ حادٍّ يرنّ في أذنيه يقول: - لم تنته اللّعبة بعد . . .
تبع هذا القول قهقهاتٌ حادّةٌ عاليةٌ مخيفةٌ تدبّ الذّعر في سامعها، فامتلأت عينا الطّفل بالدّموع من شدّة الخوف، وتسمّر في مكانه غير قادرٍ على الحراك، وإذا بالصّوت مجدّداً يقول: - تعالَ إليّ يا طفلي الجميل، لديّ لعبةٌ جميلةٌ وممتعةٌ لك ستعجبك بكلّ تأكيد . . .
حرّك الطّفل عينيه ليرى اليد التي تقبض على كتفه، فرأى يداً مجعّدةً ذات أظافرَ طويلةٍ، في إصبعها خاتمٌ ذهبيٌّ يحمل حجراً بلّورياًّ كبيراً رماديَّ اللّونِ يتحرّك في وسطه ضبابٌ... فاشتدّت ضربات قلبه وبدأ يتصبّب عرقاً، وفجأةً شدّته اليد إلى الوراء وسقط على الأرض فرأى عجوزاً شمطاء شعرها مجعّدٌّ رماديُّ اللّون يصل إلى أطراف قدميها، ووجهها نحيفٌ طويلٌ حادّ الأطراف، بجانب أنفها الطّويل شامةٌ سوداء على خدّها المجعّد . . .
العجوز (ضاحكةً): هل أنتَ خائفٌ منّي يا صغيري الجميل، تعالَ إلى حضني حتّى يهدأ قلبك ويطمئنّ بالك . . .
العجوز (غاضبةً): كلّكم تريدون أمّهاتكم اللاتي لم يهتمّوا لوجودكم عندما كنتم أمام ناظرهنّ ... أنا أمّكم في هذا القصر ... ولن ترحلوا أبداً مهما حاولتم ... لن ترحلوا ...
الطّفل: أرجوكِ ... أعيديني إلى أمّي ... أعيديني إليها ...
العجوز (بابتسامةٍ خبيثةً): أحقاًّ تريد العودة ؟
الطّفل: أجل ... أرجوكِ لا أريد البقاء هنا ...
العجوز: ولكنّ لكلّ شيءٍ ثمنٍ، وثمنُ رحيلكَ عن القصر ليسَ بالقليل ...
اهلا أمير
كنت بانتظار تكملة القصه ولكن عدت لنا من جديد بإسلوب مشوق
تحمست كثير ودي أعرف مين هي العجوز وماهي اللعبه
أسلوبك جدا رائع في الكتابه ماشاء الله