البارت الثاني
في مكان اخر .بالضبط في بيت كبير وفخم يقع باحد الاحياء الراقية بمدينة الدار البيضاء. كانت سارة ومريم و معهما ليلى وسلمى تتابعان احدى الدرامات الكورية في غرفة المعيشة. بينما رنا وديما متكئتان على بطنيهما فوق صوفة كبيرة تقلبان في مجلة ازياء مشهورة وهما تحركان ساقيهما في الهواء. اما نور وخلود فتقرءان رواية "كبرياء و هوى" لجين اوستن . وسوزي منهمكة في البحث عن وصفات جديدة عبر الانترنيت. لكن لينا ودينا كانتا تحسان بالملل فتنهدت لينا بحسرة وقالت لدينا "اللعنة. ليس هناك اي شيء مثير للقيام به. حتى المقالب اصبحت مملة. وكل شيء ينذر ان هذا الصيف سيكون مملا"
اجابتها دينا و هي تنظر من النافذة المقابلة لها" معك حق .لكن ياترى لماذا رفض اباءنا ان نسافر هذا الصيف. كيف يتوقعون منا قضاءه في هذه الاجواء المملة" ثم نظرتا لبعضهما و صرختا في نفس الوقت "ياااا هذا ممل حقا"
نظرت الفتيات اليهما باستغراب لكن قبل ان تتمكن اي واحدة من قول اي شيء. دخل السيد كانغ سينغ و زوجته السيدة مادلين ومعهما ايضا السيدة ماريا و زوجها السيد كانغ جونغ و السيد جانغ. وقال السيد جانغ"ماالامر يا زوج المصائب؟ لما تصرخان هكذا لقد وصل صوتكما الى كوريا."
نهضت جميع الفتيات احتراما لهم. ثم قالت دينا
"ابي ارجوك اسمح لنا بالسفر الى اي مكان. لقد بدات العطلة الصيفية منذ يومين وقد كانا مملين جدا". اكملت لينا "صحيح. ارجوكم لن نتحمل اكثر"
السيد جانغ " اهدئن و اسمعن جيدا ما سوف نقوله. في الحقيقة لقد قررنا نحن الخمسة ان نذهب في رحلة طوال الصيف. جزء منها للعمل و جزء للاستجمام و سوف تكون في قارة اسيا"
السيد كانغ "و للانكن نجحتن في دراستكن بتفوق ولم تسببن اي مشاكل قررنا مكافاتكن ". ابتسم ابتسامة كبيرة ثم اكمل "لقد قررنا جعلكن المرشدات السياحيات لضيوف سوف يزوروننا من كوريا"
رفعت لينا حاجبيها و قالت " يالها من مكافاة سخية. لكني الان اتساءل ان كان هذا شكل المكافاة. فكيف هو العقاب ياترى؟"
لكزتها مريم في ذراعها وهي تقول "كيف تقاطعين عمي وسط كلامه" واكملت لعمها " رجاء اكمل يا عمي".
سعل السيد كانغ ثم اكمل وهو يتعمد اطالة كلامه "هؤلاء الضيوف مهمون جدا. لاّنهم سيكونون الوجوه التي سنعتمدها كدعاية لشركاتنا و ايضا لفنادقنا .وهم شخصيات مشهورة ربما تكونون قد سمعتم بهم من قبل. انهم فرقة تدعى السوبر جونيور " قال الجملة الاخيرة وهو يمنع نفسه من الضحك بصعوبة فهم جميعا يعرفون ان الفتيات يعشقن هذه الفرقة .
اما الفتيات فقد كن في حالة صدمة وهن يحاولن استيعاب ما قيل. وكانت خلود اول من استفاق من الصدمة فقالت بصوت مرتجف وهي تمسك يد امها "امي هل يسخرون منا ام ماذا ؟ ارجوك اخبرينا الحقيقة " فقالت امها وهي تضحك على تعابير وجه ابنتها "كلا يا ابنتي انها الحقيقة اليس هذا حلمكن منذ سنوات هاهو سوف يتحقق اخيرا" ما ان انهت السيدة مادلين كلامها حتى صرخت الفتيات وهن يقفزن و يعانقن بعضهن .
ديما "لا اصدق سوف نكون معهم وسوف ارى سونغمينا اااااااااااااااااااه هذا راائع "
سارة " ساكون مع توكي واااااااااااااااو"
خلود " والرائع الوسيم المذهل شيون سوف اراه و سوف يكون قريبا مني . فليضربني احدكم حتى اتاكد اني لا احلم "
و بقين هكذا كل واحدة تتحدث عن لقاءها بحبيها . حتى قاطعهن السيد جونغ وهو يقول "هيا احترمن وجودنا قليلا . واستمعن جيدا لما ساقوله "
توقفت الفتيات عن القفز و جلسن وهن خجلات خاصة سارة و مريم فهن الاكبر و يفترض ان يكن عاقلات . اكمل السيد جونغ "سوف يصل السوجو في التاسعة من يوم بعد غد و يجب ان تستقبلوهن بشكل جيد . وستكن مرشداتهم في المغرب و ستقمن معهم ايضا بجولة في دول عربية كثيرة ولديكن الكثير من الوقت للبقاء معهم قبل ان يبدؤوا العمل فلديهم اجازة لمدة شهرين سوف يقضونها هنا"
قالت سارة وهي ترفع حاجبيها باستغراب " ماذا تعني ب "تستقبلونهم" الن تكونوا معنا؟"
اجابتها السيدة ماريا " كلا ياعزيزتي. فنحن كما قلنا مسافرون و قد حزم الخدم حقائبنا و قد جئنا لنزف اليكم خبر قدوم السوجو ونودعكم فطائرتنا ستقلع بعد ساعتين "
نور " ماذا بهذه السرعة ؟ الا يمكنكم البقاء اكثر؟"
السيد جانغ "كلا عزيزتي ليس لدينا وقت. ثم انتن لن تشعرن بالملل هذا الصيف فسيكون عليكن ان تصحبن السوجو في رحلة بانحاء المغرب كما في دول عربية اخرى ايضا. والان حان وقت الذهاب كما اظن"
السيد كانغ وهو ينظر الى ساعته "صحيح. هيا يافتيات كن قويات و ودودات واحسن ضيافة ضيوفنا وانتما ( مشيرا الى دينا و لينا) لا حيل ولا مقالب .مفهوم ؟"
هزتا راسيهما بنعم . ثم ودعوا بعضهم بحرارة لانهم لن يلتقوا طوال الصيف وبعدها ذهب اباؤهم الى المطار. اما الفتيات فقد جلسن مع بعضهن و كل واحدة منهن تتحدث عن حبيبها وما ستفعله عندما تلتقيه وبقين يتسامرن و يضحكن حتى منتصف الليل ثم صعدن الى غرفهن و غرقن في احلامهن الوردية.
في اليوم التالي استيقظت الفتيات مبكرات وهن مليئات بالنشاط. حضرن الافطار وجلسن حول المائدة
( ملاحظة " الفتيات يعشن في بيت منفصل عن عائلتهن و ليس لديهن خدم لانهن يحببن الاعتماد على النفس )
ثم قالت سارة " اليوم لدينا الكثير من الاشياء لفعلها . لذلك سنوزع المهام الان ... سوزي ليلى ورنا سيذهبن لاحضار مانحتاجه لاعداد الحلويات و ما الى ذلك . اما انا و الاخريات فسننظف البيت و نعيد ترتيبه ونجهز الغرف التي سيظل فيها السوجو. مفهوم؟ "
الجميع " نعم" . انتهين من الاكل و انطلقت كل واحدة الى عملها . وبعد عودة الثلاثة من السوق انطلقت رنا و ليلى لمساعدة الفتيات اما سوزي فذهبت لتحضر الغذاء . وما ان انتهت من ترتيب المائدة حتى اقبلت الفتيات و هن متعبات.
سوزي " اه لقد كنت على وشك ان اناديكم لتناول الطعام. هل انتهيتن؟ "
نور وهي تضع يدها على ظهرها " اجل انتهينا اخيرا. اه يا ظهري "
دينا " لقد رتبنا المنزل و جهزنا الغرف . اه ايها الماكني الشرير يستحسن ان تقع في حبي فقد تعبت كثيرا من اجلك"
لينا " وانت ايضا كيم هيتشول الويل لك ان لم تفعل فقد انكسر ظهري وانا اجهز لاستقبالك "
مريم وقد بدات الاكل " يكفي كلاما فجميعنا متعبات . واىن فلتاكلن بسرعة فلا يزال امامنا الكثير لتحضيره."
سارة "سوزي هل جهزت قائمة بما سوف نعده ؟"
سوزي " اجل فعلت . سنعد الحلويات التقليدية اولا غريبة – كعب الغزال – الفقاص – الحرشة - الشباكية وانواع اخرى بالتمر و بالشوكولا ايضا . والسوجو سيصلون في الساعة التاسعة صباحا لذلك سنستيقظ في السادسة و سنعد المسمن- البطبوط- الملوي - والمحنشة لان هذه يجب ان تبقى ناضجة "
رنا " من الذي سيحضرهم من المطار؟"
سارة " لقد اخبرني والدي ان السيد احمد هو الذي سيحضرهم الى هنا "
نور" سوزي هل من الضروري ان نحضر الشباكية فهي تحتاج للكثير من الوقت؟"
سوزي " اجل عزيزتي . فهي من الحلويات الاصيلة بالمغرب فمن الضروري ان يتذوقوها "
بعد انتهائهن من الاكل غسلن الاواني ثم بقين في المطبخ من الساعة الثانية حتى الثامنة مساء هن يحضرن الحلويات و الشباكية . وفور انتهائهن صعدت كل واحدة الى غرفتها و نامت فورا فغدا هو اليوم الموعود .
في اليوم التالي استيقظت الفتيات في السادسة كما اتفقن واعددن المسمن و البطبوط و كل ما اتفقن عليه بالامس . وبحلول الثامنة كن قد انتهين و توجهن لارتداء الملابس و تجهيز انفسهن .
اما عند السوجو فقد جهزوا حقائبهم و ذهبوا ليودعوا اهاليهم بعد ان اتفقوا على اللقاء بالمطار .
لكن ذلك الشخص لم يكن يريد ان يودعهم و لاحتى ان يرى وجوه افراد عائلته . اوقف سيارته امام ذلك القصر الفخم المشيد على الطريقة الامريكية ونزل منها وهو يرمقه بنظرة مليئة بالكره . قرع الجرس ففتحت الخادم الباب و ما ان راته حتى انحنت له و استاذنته ان تذهب لاعلام سيدها بحضوره. اذن لها فانصرفت ثم عادت بعد دقائق و اخبرته ان والديه ينتظرانه بغرفة الجلوس.
اخذ نفسا عميقا ثم فتح الباب و دلف الى تلك الغرفة الفخمة المؤثثة بافخم الاثاث . وكانت هناك امراة جالسة فوق اريكة كبيرة و امامها مجلة كانت تطالع فيها كانت تبدو في الاربعينيات ذات جسد رشيق ووجهها لايزال محتفظا بجماله دون ان يترك عليه الزمن اثاره اما زوجها فقد كان واقفا خلف الاريكة ينظر من النافذة الكبيرة المطلة على الحديقة الكبيرة بالفناء الخلفي . ماان راته تلك المراة حتى وقفت و اتجهت نحوه تريد معانقته وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة كبيرة لكنها ما كادت تصل اليه حتى خطا خطوتين الى مبتعدا عنها و نظره متبث على الارض فتجمدت السيدة في مكانها و تجمعت الدموع بعينيها وهي تقول "
لماذا تفعل هذا يابني؟ لماذا تصر على معاقبتي بهذا الشكل ؟ هل تكرهني لهذه الدرجة؟ ها تكلم".
اكتفى هو بان قال "
سيدتي اعتذر ان كنت قد سببت اي ازعاج بمجيئي الى هنا لكني فقط اردت اخباركم اني ساقضي طوال الصيف في الخارج بسبب اعمال مهمة "
قالت و الدموع تنهمر من عينيها "
سيدتي؟ هل اصبحت تعتبرني غريبة لهذه الدرجة ؟ انا امك رغم كل شيء فانا امك وانت ابني ابني انا شيون"
في هذه اللحظة رفع شيون راسه ونظر في عينيها مباشرة وقال "
كلانا نعرف ان هذا غير صحيح. فلماذا نكذب على انفسنا؟ انت لست امي وانا لست ابنك بل بسببك انا لااعرف من انا ضائع مجهول ليس لي نسب ولا اصل "
لم تتحمل السيدة تشوي هذا الكلام فسقطت على ركبتيها و بدات بالبكاء و صوت شهقاتها يعلو شيئا فشيئا . وهنا تدخل السيد تشوي وقد تصاعد غضبه بشكل كبير فقال وهو يمسك بكتفي زوجته "
يبدو اننا لم نحسن تربيتك ايها الابن العاق كيف تقول هذا الكلام لوالدتك. اكل هذا من اجل تلك المتسولة العاهرة هه؟ الم تنسها بعد ايها المغفل؟"
في هذه اللحظة شيون احس بالم كبير في قلبه و مرت امام عينيه صورتها وهي تحدق فيه بعينيها الزرقاوتين الجميلتين و خصلات شعرها الذهبي تتطاير بفعل الرياح. فانفجر في وجه السيد تشوي "
اياك و ان تتكلم عنها هكذا فهي اشرف من كليكما. لقد احببتها لقد عشقتها وانتم قتلتموها و قلتموني معها وكل هذا لانها كشفت اسراركم القذرة..."
لكن السيد تشوي اسكته بصفعة قوية لدرجة احمر معها خد شيون بشكل واضح . لكن شيون اكتفى بالتحديق في الاثنين بنظرات مليئة بالكره و الحقد ثم استدار معطيا لهما ظهره وهو يقول "
لقد ندمت حقا على مجيئي وانا احمد الله انكم لستم عائلتي الحقيقية."
ثم خرج من البيت وقاد سيارته و الدموع تنهمر من عينيه كالسيل الجارف. لماذا يحصل له هذا؟ لماذا هو بالذات؟ كيف تدمرت حياته في لحظة واحدة؟ ذلك اليوم المشؤوم كان بداية كل شيء. في ذلك اليوم .... كلا هو لن يتذكر.. لن يقلب تلك الصفحة لا يمكن ان يعيد احياء ذلك الرعب فهو لن يستطيع التحمل .
وصل الى المطار ودخل متنكرا ثم راى الجميع هناك و لوح له هان وماان وصل حتى بادره ليتوك
"
اين كنت لقد تاخرت وقد كنت على وشك الاتصال بك. ثم لمل خدك محمر هكذا ؟"
وحدق الجميع فيه منتظرين اجابته. فقال بهدوء دون ان يظهر ارتجاف صوته "
لقد كنت اقود بسرعة لدرجة انني عندما اوقفت السيارة اصدم وجهي بزجاج النافذة و احمر خدي هكذا. وهذا كل شيء الن نذهب؟"
اوما ليتوك براسه وقال "
حسنا هيا بنا وانت كن حذرا في المستقبل"
انهوا الاجراءات و صعدوا الى الطائرة في الدرجة الاولى طبعا. واقلعت الطائرة بينما جميعهم يحاولون تخيل ما سيكون بانتظارهم الا واحد كان غارقا في التفكير بمدى بؤس حياته.
العرض العادي
