هي رواية حملت من المعاني الكثييير مما يستحق الوقوف عنده مليا.. ياقوتة لمعت حين تناثرت حولها الأحجار في فلاة الرواية.. ففازت بجائزة رابطة الأدب الإسلامي العالمية , بالجائزة الأولى.. لكاتبتها الجهبذة / جهاد الرجبي. فلسطينية الأصل مقيمة في الأردن , حاصلة على البكالوريوس في مجال الزراعة.
..|| لن أموت سدى ||..
وللعناوين رحلات مع الفكر لا تنتهي , فحلقوا معه كيفما تشاؤؤون !! أما المضمون , فحوى فكرة هي منهج حياة وليست قاصرة على هدف الرواية فقط.. تعودنا من أهل فلسطين جمع الحجارة لإلقائها على المحتلين , ماذا لو استبدلنا الحجارة بالمال ؟؟ وأترك لكم إجابة هذا السؤال..
..[] شعاعات بريق من الياقوتة:
نظر إلى الحقيبة السوداء طويلا , ثم قال بحيرة: ــــــ قل لي..ما الذي يجعلك تبتعد كالمنبوذ بلا مقابل ؟! ــــــ الدنيا تفتح أبوابها هناك , كي تحضن الباحثين عن أحلامهم. ـــــــ وهل هناك حلم أجمل من الوطن ؟! ـــــ الحياة. ـــــــ لا حياة بلا وطن. ـــــــ الحياة تخلق الوطن..أي أرض تحتويني , وتعطيني ما أستحق , جديرة بأن تكون وطنا لأحلامي.
التفت إليها بضيق , ثم قال بتحد: ــــــ ماذا تعرفين أنت عن العرب؟ مطت شفتيها بتأمل , ثم أومأت برأسها , تعبيرا عن إعجابها بسؤاله , وقالت مبتسمة: ــــــ القليل ! ولكني أعرف أكثر منك. ـــــ هذا جنون. ــــ فقالت بالعربية: ــــ ذلك لأنكم تعتقدون أن أهل مكة أدرى بشعابها. أثارت الدهشة فيه شعورا بالخوف , لكنه انفجر بالضحك , وهو يشير إليها مستغربا: ــــــ أنت تتحدثين العربية بطلاقة ! ثم قال لنفسه , وهو يسحب من الهواء نفسا عميقا: ( الحمدلله ! الحمدلله أني لم أشتمها بالعربية , حقا ! على المرء أن يكون صبورا قدر استطاعته ). لكنها أهملت شروده , وأكملت باهتمام: ــــــ لم يعد العرب كما كانوا , صاروا فريسة للتناقض , لم تعد حضارتهم ترضيهم , رغم أن الخطأ فيهم , وليس في الحضارة , أنتم تفكرون بأنفسكم, لأنكم تفكرون طوال الوقت بنا. تريدون انتزاع عالمنا , لأن الاحتفاظ بعالمكم الحقيقي يتطلب الكثير من الجهد , وأنتم تحلمون بالحياة المجردة ! هل عرفت أيها الشاب لماذا أظن أني أعرف أكثر منك عن أمتك !!.
سكتت قليلا , ثم تابعت بجدية , وربما بقسوة: ــــــ ببساطة , لأن أهل مكة لم يعودوا يحفلون بشعابها , تركوه لنا , لندرسه !
ظل وائل صامتا , بحث عن كلمات ليقولها , لكنه لم يجد غير الصمت جوابا , فأكملت: ــــــ إن مجرد التحدث عن حضارتهم يحقق الإثارة لأي باحث عن الحقيقة , عندما زرت مصر لأول مرة , احتواني الذهول وانا أنظر للأهرامات , حتى ظننت الفراعنة رأس الحياة , لقد أجبروا الزمن على الاحتفاظ بآثارهم !
غطى وجهه بيده , ماولا إيقافها , لكنها أكملت بنفس اللهجة: ــــ احتجت عشر سنين من البحث والعمل , لأكشف أن ما تركه المسلمون أعمق وأكثر , وأقوى تأثيرا , أتعرف لماذا ؟ لأن الفراعنة ينتزعون منك الدهشة والخوف , يلونون وجهك بالإثارة , ولا يمنحونك غير الشعور بعظمتهم , بينما يدهشك المسلمون , بحضارتهم , ويمنحونك القدرة على الاستمرار من حيث توقفوا...
ابتسامة ساخرة أطلت من عينيه وهو يراقبها , فقالت مدافعة عن نفسها: ــــ أكثر ما أدهشني في دينكم أيها العرب , تللك النظرة الحانية للمرأة , حين يتحدث عنها أما وزوجة , وابنة..أتعرف ما الذي ينفص المرأة عندنا يا عزيزي؟
فأجابها بسخرية حادة: ــــ ينقصها القدرة على التحول إلى رجل !!
تجاهلته , غير مبالية بكلماته , ثم قالت بطريقة آلية: ـــــ ينقصها أن تكون امرأة.
التفت إليها فجأة , ثم قال متظاهرا بالاهتما: ـــــ لا تقولي إنك غير راضية عن المكاسب التي حققتها المرأة في الغرب , على الأقل , لا تفعلي ذلك في بلد عربي , حتى لا يتهموك بالتخلف , فالنساء يبحثن عندنا عن المساواة , ولا يمكن لأي شيء أن يوقفهن عن العراك في شوارع المعارضة النسائية !!
ــــــ الإسلام أعطى المرأة عندكم أكثر مما تستحق..
نظر إليها بدهشة , فقالت على الفور: ــــــ أعني أنه اعطاها أكثر مما تطلب , فالمساواة بحد ذاتها انتقاص من قدر المرأة يا عزيزي..لا أدعي أنني توصلت إلى هذه الحقيقة في فترة قصيرة , ولكن أصر على أن المساواة في صالح الرجل وحده , وهذا ما ينعم به الرجل عندنا !!
ــــــ أنا لا أفهمك , أنت مع المرأة أم ضدها ؟!
ــــــ أنا مع حقي في أن اعامل كامرأة , ما دام الرجل يجبرني على أن أعامله كرجل..
ـــــــ ألم تتجاوزوا في الغرب كل هذه الامور , ألم يصبح العمل في البيت أمرا لايهين الرجل وحتى أن يترك دفة الإنفاق لزوجته أمر لا علاقة له بكرامته!!
ـــــــ هذه ليست مساواة..إنها مجرد تبادل أدوار.
سكتت قليلا , وبدت كمن يعتصر الذاكرة ثم قالت وهي تحك راسها بحركة خفيفة: ــــــ أنتم تسمون ذلك الإحساس الفطرة الإنسانية , وأنا أعتقد بوجودها , لأني عشت ذلك الإحساس , حين أصيبت الطائرة التي أقلت ابني إلى (روما) بعطل كاد أن يسقطها , اعتقادي بحتمية استقبال أحزان جديدة بفقدان ولدي جعلني أقرأ القرآن يا عزيزي , رغم أني مسيحية !
ــــ هل الخوف وحده يقربنا من الله ؟!
ــــــ ربما الرجاء يدفعنا لإيقاظ ذلك الإحساس في داخلنا , حين تلح علينا رغبة نؤمن تماما ألا سبيل للوصول إليها , باختصار , اكتشاف المرء مقدار ضعفه سواء بالخوف أو الرجاء , يدفع الإنسان إلى الإيمان بالله.
سألها بدهشة أسعدتها: ــــ كيف توصلت إلى كل هذا ؟
ــــــ عندما كنت في مصر , سمعت أحد الدروس الدينية , وكنت حديثة عهد باللغة والناس , فكان كل شيء يشدني إلى عالم التأمل , شكل المآذن , صوت المؤذن , الكلمات التي لا تجد صعوبة ببالتسلل إلى أعماقك , عندما سمعت كلمة ( الله أكبر ) سألت الدليل عن معناها , فأجابني وقد استغرقه الأمر وقتا طويلا من التفكير.
" إنها تعني أن الله قوة لا تهزم "
ــــــ أيمكن لتلك الكلمات أن تأتيك بكل هذا الإيمان ؟!
ــــ بل جعلتني اكتشف حقيقة أدهشتني , وهو أنكم لا تفكرون كثيرا في هذه الكلمات , ترددونها في صلاتكم , وقد تستخدمونها في أحاديثكم , دون أن تشعروا بعمق معناها , لقد احتاج ذلك الرجل الذي منا ودخل يصلي , وقتا طويلا ليعبر عن شيء يتعامل معه بخضوع تام , وباعتراف غير قابل للمساومة !!
: :
في الحقيقة لو طاوعت نفسي بنقل كل ما احتفظت به من درر هذه التحفة الأدبية , لاضطررت لكتابة الرواية كااااملة هنا ..!! بحثت كثيرا عن نسخة إلكترونية للرواية , ولكن للأسف لم أجد ><..
الرواية مكونة من 174 صفحة.. من نشر مكتبة العبيكان.