- و أخيراً بعد أن خرجوا فتحت صنبور المياه أضع يدي تحته لوقف النزيف الذي نتج عن إصطدام يدي بقطع الزجاج , أكرهـ الدم ومنظره المـُريع .. إضافة إلى أن الجرح كان عميقاً ومؤلماً بشدة , عضّيت على شفتي كي لا أصرخ وأنا أجبر نفسي على إبقاء يدي تحت الماء .. بالكاد أقف بإعتدال فظهري أيضاً يؤلمني بسبب إرتطامي بالطاولة .. " سأترك العمل هنا .. لستُ مـُضطرة لتحمـُّل وقاحتهم أكثر من ذلك .. كيف يجرؤ على إهانتي هو و تلك الـــ ... "
- ( أشعر برغبة مجنونة بالبكاء بصوتٍ مرتفع والصراخ .. يجتاحني شعور شديد بالتعاسة وإحساس بالقهر والغـُربة ينمو في داخل أكثر فأكثر وأنا التي إعتقدت أن العمل عندهم أصبح أقل إزعاجاً بالنسبة لي .. ) .. فقط دموع غزيرة تنزل بصمت لا أدري إن كانت ناتجة عن ألمي الجسدي أم النفسي .. كل ما أُدركه أنني كنتُ أتألم بشدة في هذه اللحظات ولا أحتاج إلى شيء سوى كتف جدتي لأضع رأسي عليه وأبكي .. هذا كل ما أحتاجه .. لو رأتني جدتي بهذا الحال لـ ماتت من حزنها بالتأكيد .. فهي حتى في البيت لا تريدني أن أتشاجر مع هان الطويل ودائماً ما تقف في صفي حتى لو كنتُ مـُخطئة .. وضعتُ يدي الأخرى على فمي أمنع صوت شهقاتي من الإرتفاع أكثر ...
**
- كان يتأملها أثناء شجارها مع شاان وهيونا " لا يبدو أنها إرتكبت الخطأ لوحدها , فتلك الهيونا لا بد أنها قد إستفزتها بالتأكيد .. لكن مابها تـُخفي يدها خلفها ".. وقع نظره على الزجاج الذي على الأرض حين وقفت " أصابت يدها !! " .. خرج حين خرج الجميع لكنه توجه لغرفته وأحضر معقماً وشاشاً ودخل عليها المطبخ .. رآها تقف كما خرجوا لكن ......... هل تبكي؟!! لم يرها تبكي منذ جائت حتى عندما يـُغضبها شاان أو يتشاجر معها !! .. " تباً لك شاان فقد تجاوزت حدّك معها كثيراً أنت و هيونا "... وقف بصمتٍ يتأمـّلها ورآها تنظـُر لبنطالها بحـُزن وهي تحاول تنظيفه بيدها اليمنى وقد رفعت أكمامها حتى مرفقيها : كلا بنطالي الجميل تلطـّخ بالدم .... رقّ قلبه لها وتمنى أن يتقدم لمساعدتها .. لكنها سترفض بالتأكيد .... هناك شيء لفت نظرهـ حقاً وسبق أن تحدث عنه الشباب لكنه لم يصدقهم وأمرهم بإغلاق الموضوع .. فـ ايل وو قد رآها ترتدي حذائاً بماركة عالمية تبلغ قيمته نصف المرتب الذي تأخذه من هيونغ .. وشاان يـُقسم أن بناطيلها وقمصانها مـُعظمها من ذات الماركة التي يرتديها هو وتلك ليس لها تقليد أبداً ... كان دائماً
يضحك عليهم ويقول ساخراً : كيف لخادمة أن ترتدي تلك الأشياء ؟! تحدثوا بشيء معقول .. لكن ما رآهـ الآن أصابه بالشكّ هو أيضاً .. فهي ترتدي ساعة يد جميلة باللون الوردي لن تتمكن من شرائها إلا بعد سنوات من العمل كخادمة !! ....
- إقترب بهدوء و وضع ما جلبه على الطاولة وخرج دون أن تشعر به .. " ميكي توقف عن الهلوسة أنت أيضاً .. لكنك رأيت الساعة بنفسك !! " << هذا حال ميكي بعد أن وضع الشاش والمعقم لـ غيوري في المطبخ ...
- بدأ الدم يتوقف أخيراً .. أغلقتُ صنبور المياه وإستدرتُ لأرى ما أحتاجه أمامي مباشرة ... أخذتها ولا أعلم من وضعها ولم أهتم أساساً .. جلستُ على الطاولة أحاول تضميد جرحي ...
- دخل شاان المطبخ ليجلب الثلج .. فتح الفريزر وأخرجه وبدأ يأخذ بعضاً منه .. إستغرب جلستها الهادئة رغم أنه لم يلتفت لها منذ دخوله .. إسترق نظره إليها ورآها تضع المعقم على يدها وكانت مترددة !! " ما بها ؟! متى اُصيبت ؟! " ... إستدار ليخرج لكن نظره وقع على الزجاج المتناثر قرب مكان وقوعها .. تغيـّر وجهه " حسناً هي تستحق " ... أقنع نفسه بهذا الكلام وخرج يـُعطي هيونا الثلج : هاك , ضعيه على خدّكِ ...
- أخذته هيونا : شكراً لك ... جلس بجانبها يـُراقبها وهي تضعه على وجهها لكن تفكيره كان في المطبخ ... وقف فجأة وعاد إليه ورآها مازالت تحاول تعقيم الجرح , إقترب وجلس أمامها وسحب يدها لترفع رأسها بخوف وتراه أمامها ينظر للجرح مـُقطباً جبينه .. أنزلت رأسها بسرعة وهي تحاول إفلات يدها لكنه لم يتركها , بالكاد إستطاعت إخراج صوتها وهي تقول : اترك يدي لو سمحت .. بقي مـُمسكاً بها لثوانٍ ثم تركها و وقف ليخرج من المطبخ بينما بقيت هي تنظر لمكان جلوسه الخالي .. " مالذي يعتقد أنه يفعله ؟! .. هل يظـُن أنني سأسامحه إن فعل هذا ؟! ".. أكملتْ تضميد جرحها ولم تعلم أن شاان كان يراقبها , وهو نفسه لا يدري مالذي يجعله واقفاً ينظر إليها هكذا .....
*دخلتُ غرفتي , فتحت النافذة وخرجت أجلس على الأرضية الخشبية أستنشق الهواء .. معنوياتي في أقصى درجاتها إنخفاضاً .. تجتاحني رغبة بضرب شاان وهيونا لإهانتهما لي .. لكني أحاول كتم غضبي فـ آخر شي يمكنني فعله هو مد يدي على غيري .. صحيح أن لساني أطول مني كما تقول أمي لكني أكره العنف والضرب وبقوة .... جمعتُ قبضة يدي وأنا أشعر بأن عروقي تنبض بشدة من الألم .." حسناً .. سأبحث غداً عن عملٍ جديد وبعدها سأترك العمل عندهم " .. هذا كل تفكيري في تلك اللحظات ... دخلتُ غرفتي بعد أن بدأت تزداد قوة الرياح وأغلقتُ النافذة .. بدّلت ملابسي ثم أسرعتُ أختبئ تحت طيات فراشي أنشـُد الدفئ .. ولتعبي الشديد فقد غرقت في النوم ..
**
- حلّ الهدوء في السكن بعد أن دخل الجميع إلى غـُرفهم .. أغلق ايل وو باب خزانته بعد أن أخذ ملابساً للنوم ونظر للبدلة المكوية بعناية ومعلقة قـُرب خزانته .. قطـّب جبينه وهو يتذكر ماحدث في المطبخ وإستدار ينظر لـ شاان المستلقي على سريره ويبدو أنه على وشك النوم وقال : هل تعلم أن مافعلته اليوم أكثر من اللازم ؟! ...
- " ماذا أنتَ أيضاً ؟! " .. قالها شاان بصوتٍ ضعيف يوشك أن يغرق في النوم ..
- جلس ايل وو على سريره بعد أن رفع اللحاف و دخل تحته وقال : أنا أيضاً ؟! ومن غيري إستلمك ؟!
- " السيد ميكي ... إخرسا أنتما الإثنان فلا مزاج لي لسماع خـُطبكما ... " .. أنهى شاان الحوار قبل أن يبتدئ بجملته الجافة وغطّى رأسه بوسادته ليلتزم ايل وو الصمت هو أيضاً ...
- في منتصف الليل و بينما الجميع يغرق في سباته .. خرجتُ من الغرفة بعد أن خشيتُ إستيقاظ إيل وو من كثرة تقلباتي المـُزعجة .. لم أتمكن من إغماض عيني مع أنني أول من إستلقى على سريره ... شعورٌ بالذنب يؤرقـُني وبشدة .. جلستُ في الصالة المـُظلمة ولا يشغل تفكيري سوى : هل أصيبت بسببي ؟! .... منظرها وهي تلفُ يدها المصابة لا يـُفارقني .. لكن لماذا لم تبكي كما فعلت هيونا ؟! أليس الفتيات عادة ما يلجأن للبكاء للتعبير عن الألم .... أو ربما ليس مؤلماً لدرجة الصفعة التي أخذتها هيونا لذا هي تشعر بالإنتصار فقد أخذتْ بحقها مـُسبقاً .. " لا تحاول إقناع نفسك بتلك الكلمات ياشاان !! " ...
* كان شاان يعتقد أنها لم تبكي لأنه لم يرها بعينيه .. رغم ذلك لم يسيطر على
خطواته التي قادته ليقف أمام باب غرفتها ......
- ترددتُ كثيراً بالدخول .. " مالذي أريده بقدومي لغرفتها ؟! ........ فقط سأرى إن كانت نائمة أم لا " < أقنعتُ نفسي بهذا وفتحت الباب بهدوء وأطلـّيتُ برأسي , كانت نائمة دون أن تغلق الإضاءة المجاورة لفراشها , دخلتُ ولا أدري مالذي أفعله وتوقفتُ قـُرب فراشها , كانت تدير ظهرها لي , إرتبكتُ حينما إنقلبت لتواجهني , كـِدتُ أجري خارجاً لكنها كانت غارقة في نومها .. نظرت لوجهها وإتسعت عيناي " ماهذا الذي على خدّها ؟! " .. كانت أثار صفعة تتوسد خدّها بشكلٍ واضح .. " هل صفعتها هيونا أولاً ؟! " .. زاد شعوري بالذنب وأنا أتأمل وجهها المتورّم .. و آثار الدموع باقية فيه .. حرّكتُ يدي وهي ترتجف لأمسحها .. لكنني لم أتجرأ على لمس وجهها .. أنزلتُ يداي لـتسحبان لحافها وتغطيانها جيداً .. خرجت بهدوء كما دخلت وأنا أنوي الإعتذار لها في صباح الغد ......
**
- تحركتْ يدي تتخبط بجانب فراشي بعشوائية تبحث عن الهاتف الذي إنطلقت منه نغمة التنبيه " أين ذهب ؟! " .. رفعت رأسي بضجر وبالكاد فتحت إحدى عيني أبحث بها عن هاتفي .... " آآهـ مالذي يفعله هناك ؟! " .. يبدو أنني أوقعته أثناء نومي .. أغلقتُ المنبه ونهضت أغتسل .. نظرت لوجهي في المرآة وتحسست أثار الصفعة الشبه مختفية ثم غسلتُ وجهي وأسناني " لن أكون غيوري إن تركـتـُها تتمادى مجدداً " .. خرجتُ اُقسم أنني لن أسكت حتى لو إختبئت في جيب شاان ... بدلتُ ملابسي ثم توقفتُ أمام المرآة أعطيها ظهري وقد رفعتُ قميصي لأرى الكدمة التي أصابته .. بقيتُ أذهب يميناً وشمالاً أبحث عن زاوية مناسبة لأرى بشكلٍ أوضح .. " أووهـ تباً هناك حقاً إصابة " ... كانت حمراء في منتصف الظهر تماماً وبارزة قليلاً .. أنزلتُ قميصي وأخذتُ معطفي وخرجت للعمل .. كنت مـُبكرة نوعاً ما لذا مشيت بمهل أتأمل المدينة الحالمة " حقاً سيؤول في هذا الوقت تبدو شيئاً آخر , إضائات المباني الشاهقة تـُضي السماء التي لم تشرق شمسها تماماً , لافتات المحلات بعضها مغلق والبعض الآخر بأنوار خافتة , منظر بديع تمنيت معه أن أبقى أتأمل فيه حتى إنطفائها لحظة شروق الشمس " ... وصلتُ للمكتب وإستلمتُ الحليب وبدأت بتوزيعه , إنتهيت بسرعة وعدت .. توقفتُ في طريق عودتي عند بقالة بجانب محطة بنزين .. دخلتـُها وبدأت أتمشى بين رفوف الشوكولا .... تنبهت على نظرات شخص تركز علي .. أنزلتُ قبعتي أغطي عيني عنه وتجاهلته .. وقفت
لأحاسب عما إشتريت و رأيته يخرج و يتحدث عبر هاتفه وهو ينظر إلي بين لحظة وأخرى .. شعرتُ بالخوف الشديد وأحسستُ أن الموضوع يتعلق بالصين ... خرجتُ بسرعة من المحل ومشيت بخطوات سريعة أبتعد عنه قدر المستطاع ولمفاجأتي فقد ركب سيارته ولحق بي " مالذي يحدث ؟! " ... جريت بسرعة دون أن ألتفت له " لا يجب أن أعود للسكن الآن وإلا عرف مكاني " .. تعدّيتُ شارعاً فرعياً ضيّقاً رأيته وأنا أجري , تراجعت ودخلته بسرعة " لن يتمكن من دخوله بسيارته " ... وفعلاً بعد أن قطعت مسافة كبيرة رأيته يجري من بعيد بعد أن نزل من السيارة ... " آآهـ لا يـُمكنني الجري أكثر " .. أشعر بالتعب وقدماي لا تقويان على حملي من شدة الخوف وأنا أرى رجلاً يجري خلفي ... فجأة إنتهى الممر وأصبحت أتوسط شارعاً عاماً وسيارة تـُطلق أبواقها بصوتٍ عالٍ لأبتعد عن الطريق ... إلتفتُ بفزع ورأيت سيارة أجرة تمشي نحوي بسرعة كبيرة .........
إنتهت الحلقة ...