كانت نازك تجلس إلى احدى الطاولات تراجع حسابات ذلك اليوم.. حين أتاها أحد الموظفين يخبرها أن جدتها تريدها على الهاتف:
_ألم تقل لك ماذا تريد؟
_لا
_حسناً..أنا قادمة
نهضت إلى الجهاز الهاتف
_أهلا يا جدتي...
_أهلا با ابنتي..
_ماذا هناك؟إن صوتك لايطمئن..
تهلثمت الجدة قليلاً ثم بصوت يملأ القلق نبرته:
_لاشيء سوى أن" أحمد "متعب قليلاً وحرارته مرتفعة..ويريد أن يكلمك...
بصوت الأم المللهوفة قالت "نازك":
_لماذا حرارته مرتفعة؟أقصد ماسبب؟أتعرض للشمس؟!
_لاأدري ياابنتي..لكن خذيه وتحدثي إليه..
وماهي ألا ثواني وصوت "أحمد "الطفولي الواهن:
_ماما..
جينما تمنت أنه بجانبها كي تطوقه وتحضنه بين ذراعيها ..إلا أنها قالت بصوت أثرت فيه رعشة البكائ:
_ياروح ماما..
_متى ستأتين؟أريدك أن تأتي...
_حالما انتهي من عملي سوف آتي..ولن أتأخر..ستبقى معك جدتك..عليك أن تطيعها يابطل..
_حسناً ..ولكن لاتتأخري
_اعدك بذلك يا "أحمد"
ووضعت سماعة الهاتف ..
"أحمد"..ابنهاذو سبعة أعوام ..الذي نذرت نفسها له ومن أجله ..وقطعت عهداً على روحها أن تبقى له..
حيت بلغ السادسة من عمره أبلغها الأطباء أن هناك تشوهاً خلقياً في صمامات قلبه..وأنه ربما لايعيش طويلاً...ولم تصدقهم وقتها..ومازالت تكذبهم..
لكنها كانت تعلم ومع مرور الزمن وتكرار الأزمات القلبية التي يعاني مها بين فترة وأخرى أنهم ربما كانوا صادقين..
لكنها ستعيش معه ولأجله إلى آخر أنفاسها وأنفاسه ..لقد جعلت من نفسها أما له وأباً وأخا قريباً وصديقاً..جعلت من نفسها كل شيء له في حياته ..
وتخلت من لأجله عن كل شيء..وطرحت سنين شبابها رداء مخملياً يسير الهوينا عليه..
ألم توقف مشاعرها وقلبها عليه وحده..وتجعل منه حياة لها..لكن مايقلقها هو مايعتريه بين حين وآخر من إجهاد وتعب..وتلك النبؤة التي نطقها ذلك الطبيب تكدر كل ليلة صفو منامها..
لكنها كانت تدعو ربما أن يجعل من هذا الـــ أحمد" قرة لعينها في حياتها..وتراه أمامها شاباً يافعاً ترى فيه أهلا لسنين التضحية...
وأن يشفيه ممايعانيه ..
وتنمت شفتاها المبللتان بالدموع:
_آمين يارب..
انتظروني أن شاءالله في البارت الثاني .