بدأت قصة حياتها عند أول صرخة أطلقتها بين يدي القابله
التي لفتها بقطعة قماش باليه ورمتها بالقرب من صفيحة القمامه الخاويه ..
هي لحظة شؤم يوم ولدت ..
وقصة عذاب قد كتبت في صفحة حياتها المظلمه .
هناك بقيت في عتمة الليل هجرت وقد تعالى صدى صراخها يملأ الأفق العاليه
هنالك تركت بين أيدي القدر أاتمنت وسياط البرد القارص تنهال بلا رحمة على جسدها الواهن المنكمش ..
نظرت حولها بعينين دامعتين وهي لا ترى سوى أشباح الظلمة تحوم حولها وتغرقها في بحر من السواد المؤبد
إزداد الجو برودة وازداد عذابها وكأن لا نهاية لآلامها ..
ظلت المنكوبة على حالها تصارع من أجل حياتها بإنتظار من ينقذها
وقبيل الفجر توقف كل شيء ودقت ساعة الموت منذرة بقدوم الأجل
عند تلك الصفيحة رميت وعندها دفنت إنتهت قصة عذابها وشقاؤها بعد أن أطلت الشمس بسنابل أشعتها الدافئه وبددت جيوش الظلام بنورها ولكن بعد ماذا ؟
بين جدران كهف تعصف بجنباته المتصدعة عويل الرياح الغاضبه ,وفي عمق العتمة البارده يرقد جسد هزيل منهك القوى يجاهد بصعوبة التقاظ أنفاسه المضطربه .. في الظلمة الحالكة تقبع حكاية لم تروى بعد , حكاية قد عفى عليها الزمن وتوارى طيفها خلف سراب العصور الغابره.
تعود الحكاية بنا الى الوراء الى حيث بدءت احداث القصه حول خرافة قديمة كثيرا ما رددها اهالي قرية شيمدو حتى اصبحت حكاية تسرد على مسامع الأطفال وقت منامهم زوهذا ما كانت تفعله دائما أوكارا بعد ان يسدل الليل ستاره تجلس بالقرب من مرقد طفلتها الصغيره ذات السبع سنواتتسرد لها حكاية تلك الخرافة المرعبه حول شاب حلت عليه اللعنة فمسخ إلى مخلوق لاحم لا يسد جوعه المفترس سوى لحم البشر اورثيميوس هو اسم ذلك الشاب سيء الطالع .
في تلك الليلة الموحشة لم تستطع كيامي أن يغمض لها جفن فبعد ان استسلمت والتها للنوم بالقرب منها ظلت تتقلب بفراشها كما لو كانت ترقد على بساط من شوك وليس فراء ,نهضت عن فراشها ووقفت تنظر من خلف زجاج النافذه إلى أغصان الاشجار المتراقصه ,فقد كانت ليلة بارده تهب فيها رياح الشمال القارصه البرودة ويغيب عنها ضوء القمر ظلت عيناها الناعستان تسبر المدار المحيط بكوخهم الصغير وكانها تبحث عن طيف زائر غريب لسبب ما ظل فكرها مشغول بسيرة ذلك الشاب الملعون الذي بين ليلة وضحاها تجرد من لباس البشرية وغدى واحد من مخلوقات الغاب الضاريه ,في اعماق قلبها الصغير تكمن رغبة شديدة برؤية ذلك المدعو أورثيميوس فبالرغم من الرعب الكبير الذي يسكن قلبها إلا أن الرغبة برؤيته تزداد يوما بعد يوم حتى اصبحت هاجسا يقض مضجعها ويلهب تفكيرها ليلا ونهارا , لا يمر يوم دون ان تردد اسمه بصوت خافت عند نبع النهر عله يسمع نداءها فيهرع إليها فمنذ نعومة أظافرها وإسم أورثيميوس ملازم لها بحكايات ما قبل انوم لم تدرك أوكارا ان حديثها المستمر عن أورثيميوس قد يزرع شعور الالفة في قلب هذه الصغيرة الوحيده هكذا كانت كيامي فتاة وحيدة تحب العزلة والصمت كثيرا ما تقضي وقتها بالجلوس عند نبع النهر على صخرة تدلي ساقيها الصغيرتان فوقها وتغمسهما بماء النهر الرقراق , وبينما كانت تسامر نفسها بهمهمة طفوليه تحركت أوراق الشجر أمامها مصدرة صوت حشرجة مزعجه وتنبىء حتما عن زائر متطفل ! توقفت كيامي عن الهمهمة وتسمرت ساقاها بالماء فاوتار قلبها الصغير قد تيبست من شدة الخوف الذي انتابها حتى كادت دقاته السريعة تخترق صدرها الصغير لما احست كيامي بأن من يقبع خلف ساتر تلك الشجيرات المتشابكة ما هو إلا أورثيميوس نفسه وبأنه يحدجها بنظرات عينيه المتعطشتين لبريق جسدها اليافع وبالرغم من هلعها إلا انها كانت تمعن النظر بين اوراق اشجر علها تلمح طيفه الوحشي وتطفىء تلك الرغبة الحارقة في نفسها الولوعة . هل هو الفضول الطفولي الذي يسوقها نحو حتفها الملعون؟ أم أنه قدرها المحتوم بان تسير على طريق الموت بلا رجعة ؟
بيديها الصغيرتين احكمت القبضة على فستانها الابيض القطني وعيناها تتابعان حركة وسكون الأغصان كم تمنت لو تطلق صرخة إستغاثة وتنقذنفسها من مصير محتوم إلا انها وجدت نفسها تتلفظ بإسم أورثيميوس وكأنها تنشد الزائر المتطفل عن هويته تسارعت حركة الاغصان واعتلى صوت زمجرة مرعبة تصم الآذان وما كادت كيامي تعود غلى رشدها لتطلق ساقيها للريح حتى إندفهت قوة مزلزلة من بين الاشجار والتقطتها بقسوة لتنغرز تلك الانياب الحادة برقبتها الصغيره وتتناثر حبات دمها الطاهر على سطح الماء وأطراف الصخور . لما إنطفىء نور الصباح بعيني وغرقت بظلمة العتمة ؟ لما أشعر بالحرارة تتدفق مني وبرائحة الموت تزكم انفي ؟ أمي .. المكان مظلم وموحش ورائحة العفونة تمل زواياه الرطبه .. ها أنا اسمع أنشودة الفراق تعزف على أوتار قلبي العليل .. أمي إني لا أبصر شيئا أمامي ولكني اشعر بدنوه مني ..
في عتمة ذلك الكهف الموحش يرقد جسد هزيل منهك القوى يجاهد بصعوبة التقاط انفاسه المضطربه جسد سرعان ما اطبق عليه فك الموت بلا رحمة ليرقد ساكنا ابدا ..
عالم الخيال هي ارض مدونتي
.. وكلي امل ان يحوز على رضاكم 
رد: عالم الخيال هي ارض مدونتي
العرض العادي
