* في شارعٍ واسع كانت غيوري تـُمسك ممسحتها بيد وبيدها الأخرى تسكب الماء بينما شاان وايل وو وسيون يمسحون ..
تعمـّدت أن تسكبه بقوة لتلامس بعض قطراته وجوهـ أولئك الكسالى ..
هناك من صرخ بغضب كـ شاان وهناك من ضحك وحاول تجنب المزيد كـ ايل وو ..
وسيون إكتفت بنظرات جامدة وغير راضية بالتأكيد ..
- تجاهلتهم غيوري وبدأت تتذمر : على آخر حياتي أعم بأشياء لم أحلم
حتى بها ..
- وصلها صوت المحامي وهو من كان يشرف عليهم
مليئاً بالسخرية : آخر عمركِ !! كم عمركِ ؟!
تجاهلته قائلة تعني الذين معها : أسرعوا الجميع إنتهى وأنتم مازلتم في
منتصف الشارع فقط ..
- المحامي : وهل رأيتِ البقية لتحكمي ؟!
- مسحت الأرض بقوة وهي تقول : كلا لم أرهم لكن أراهن بذلك ..
- صرخ المحامي بها بعد أن تبلل بالماء : هي هي إنتبهي ..
- توقفت تستند على ممسحتها بتعب : تقف في الطريق وتتذمر !! إبتعد أنتَ من هنا ..
- إتسعت أعين الجميع بمن فيهم المحامي نفسه والذي قال : تحدثي معي بإحترام ..
- إبتسمت غيوري بسخرية : حسناً لكن بعد أن تبتعد ... وأشارت بيدها ليتحرك ..
- أمسك المحامي ضحكته من الإنفلات وهو يقول بصرامة : سأخصم نقاطكِ إن إستمرّ لسانكِ بالثرثرة ..
- زمـّت شفتيها وهي تومئ برأسها بمعنى أنها ستصمت لكن يدها بقيت
تـُشير له أن يبتعد ..
ضحك المحامي رغماً عنه وهو يبتعد عن الطريق بينما إبتسم شاان ساخراً
من الوضع كله ..
- بعد عدة دقائق رفعت صوتها : أجاشي هل .... وسكتت عندما نظر إليها بغضب ثم أشارت لساعتها
وأشارت للأرض بمعنى ستجلس لخمس دقائق ..
- حرّك المحامي إصبعه بالنفي بدون أن يتكلم لتتوسله وهي ترفع أربع أصابع ثم ثلاثة ثم إثنان وأخيراً واحد وهو مازال يرفض ..
صرخت به بيأس : لاتكن هكذا سأرتاح دقيقة فقط !!
- المحامي بجمود : ولا ثانية .. أسرعي وأنهي عملكِ ..
- غيوري بتوسـّل : لا يمكنني الوقوف أكثر .. هناك شدّ عضلي في فقرات ظهري ..
- أومأ المحامي برأسه بتفهم : تحمـّلي .. كلما أنتهيتِ عملكِ سريعاً كلما حصلتٍ على راحة أكبر .. بسرعة بسرعة ....
- زفرت بضيق وعادت تمسح وهي تـُتمتم : مـُتسلـّط !!
- شاان يتأملها : لماذا لا تسكتين !! أنتِ الوحيدة التي تثرثرين هنا ..!
- لم تردّ غيوري عليه وإكتفت بنظرة تخلو من التعابير ثم أومأت برأسها بمعنى
" أمركَ سيدي " وعادت لتعمل بصمت ..
في حين ضحك البقية من تصرفاتها التهكـّمية والتي تحرّك أجوائهم قليلاً ..
**
- جلست سريعاً في مكانها على الأرض بمجرد إنتهائهم وهي
تتنهد بإرتياح : أخيراً !! آآخ ظهري ... و رفعت رأسها تأخذ ماءً مده لها المحامي : شكراً ..
- شاان ينظر إلى ملابسها : لماذا تجلسين على الأرض أيتها الــ ... !!
- وقفت غيوري سريعاً تنفض ملابسها : وهل أجلس على ظهرك !! غبي ... !!
- رفع شاان حاجبه وأراد أن يردّ عليها لكنه تراجع عن ذلك خوفاً أن يطول الجدال بينهما وهو مالايملك طاقة له ..
- نظر الجميع ناحية المحامي الذي قال : لنذهب الآن لمكان إجتماع البقية ....
مشوا يسحبون أقدامهم بتعب متوجهين حيث البقية الذين لا يقلـّون عنهم تعباً
وجلسوا جميعاً
ينتظرون سماع ( أن لديهم راحة لمدة ساعة على الأقل )
ولكنهم تفاجئوا حين قالت
تلك المرأة : مهمتكم التالية هي تقاسم أعمال المهرجان ..
- غيوري : أي أعمال ؟! ..
- المرأة : إتبعوني وسترون ....
نهض الجميع خلفها ماعدا غيوري وشاان الذين تكاسلا عن اللحاق بهم ..
- غيوري دون أن تنظر إليه : ألن تلحق بهم ؟!
- " ماذا عنكِ ؟! "
- " سأرتاح لخمس دقائق فقط .. "
- " وأنا أيضاً .. "
* فضـّلا إعطاء نفسيهما راحة لخمسة دقائق .. بعدها نهضا مسرعين يلحقان بالبقية ..
كان الطلاب قد حصلوا على أعمالهم ماعداهما ..
وجدا المرأة تقف بإنتظارهما والغضب واضحٌ عليها ..
لذا وبمجرد إقترابهما صرخت : لماذا تأخرتما عن البقية ؟! ..
- تبادلا النظرات بإحراج ليقول شاان : لقد علق رباط حذائي و إضطررت لخلعه
وإرتدائه من جديد ..
- تفحصتهما بتشـكـّك ثم قالت : حقاً !!حسناً إذاً ..
لقد تم توزيع الأعمال على الطلاب ولم يبقى شيء لكما .. لكن هذا لا يعني
أنكما ستنجوان من المهمة .. إتبعاني ..
*مشوا خلفها لمدة قصيرة ثم توقفوا أمام أحد المنازل ونادت تلك المرأة : صباح الخير سيد لي .. هل أنتَ هنا ؟! ..
- بعد دقيقة خرج رجلٌ في حدود الخمسين من عمرهـ ذو وجهٍ بشوش و إبتسامته
لم تفارق وجهه وحيـّاهم جميعاً ..
- أشارت المرأة لـ غيوري وشاان : بإمكانهم مساعدتك في أي عمل تطلبه ..
سأتركهم تحت رعايتك ... وإبتعدت المرأة
بينما أشار لهم الرجل أن يتبعوهـ ...
أشار لهما أن يرتديا ما وُضع على الأرض ..
نظرا ليجدا حذائين يصلان إلى منتصف الساق وقفازات وقبعات .. إرتدياها ثم مشيا خلف الرجل الذي توجه ناحية مزرعة صغيرة
و وقف يـتأملها قائلاً : هذه مزرعتي المتواضعة ..
أنتما ستساعدانني في حصد بعض الخضاروات والفواكه .. هل تعرفان الصالح منها
للقطف والغير صالح ؟! ...
أومئا برأسيهما ليعطيهما أربع سلال : أريد أربعة أنواع
( البصل الأخضر - الفجل - التفاح - الفلفل ) ..
بعدها عليكم العودة إلى هنا لأخبركم مالذي ستفعلونه بها ...
إبتعد عنهما ليحملاها وهما يتلفتان حولهما يفكران في ماذا سيبدأون ..
**
- في مكان المهرجان كانت الساحة مليئة بالأطفال ..
وهناك وسط الزحام وقف شخصان يرتديان أزياء دمى ..
الشخص الطويل كان هو من يلحق بالقصير ليجعله يرقص ويلوّح للأطفال ..
بينما ذاك القصير كان جامداً لا يتحرك إلا بوكزٍ من صديقه ..
- " ايون .. من تعتقدين هؤلاء من الطلاب ؟! .. "
- نظرت ايون حيث يشير ميكي : لا أدري !! ....
ونظرت لميكي ضاحكة بمفاجأة : لا تقل !!
- إنفجر ميكي ضاحكاً وهو يخرج هاتفه ويقترب : هذه الفتاة هيونا وهذا كيونا بالتأكيد ..
- ايون تضحك : ياللمسكين اُنظر كيف يلاحقها ..
- هزّ ميكي رأسه بأسى : مهمتهم سيئة حقاً ....
وتلفتَ حوله : أتسائل أين شاان وفيكي !!
- " مالذي تفعلانه ؟! .. ألن تنهيا عملكما ؟! .. "
- إستدار ميكي بإرتباك ينظر للسيدة : بالتأكيد سننهيه ..
- السيدة : بسرعة قوموا بتجهيز طاولات الطعام قبل أن ينتهي الإستعراض ...
* أسرعا يجهزان ما طلبت منهم السيدة ويقومون بترتيب وجبات الأطفال فوقها ...
**
- غيوري تـُشير لأشجار التفاح : هل نبدأ بها ؟!
- مدّ شاان لها سلـّة : لنفترق ..
- نظرت إليه غيوري بإستغراب ليقول : حتى ننتهي سريعاً .. أسرعي وخذيها ...
أخذتها وإبتعدت عنه بينما توجه هو ناحية الأرض المزروعة بالبصل الأخضر ..
- توقفت تنظر للأشجار .. بعضها كان غير مرتفع في متناول يدها والبعض الآخر يحتاج إلى سـُلـّم ..
جمعت ما يملئ سلـّتها ثم أسرعت تضعها وتأخذ أخرى وتوجهت ناحية الفجل ..
جمعت منه القليل فقط فهو لم يكن قد نضج تماماً ..
بينما تكفل شاان بالبصل الأخضر والفلفل ..
- بعد نصف ساعة كانا قد أنهيا جني الثمار و وقفا أمام الرجل الذي تفقد المحصول وأبعد الغير صالح منه ثم قال : هل تريان تلك السيارة ؟! ...
- نظرا حيث يـُشير .. كانت هناك سيارة زراعية صغيرة ذات صندوق خلفي ..
إبتسمت غيوري بمجرد أن رأتها
بينما أكمل الرجل : عليكم وضع المحصول هناك ونقله لسوق القرية وبيعه بأنفسكم هناك ..
بعد ثلاث ساعات يـُفترض أن تعودوا وقد بعتموهـ كاملاً بما أنه ليس هناك الكثير ..
- حملا الصناديق ناحية السيارة و وضعاها في الصندوق ..
ركبا فيها يقودها شاان .. مشيا قليلاً لتقول غيوري : أريد قيادتها ...
- شاان دون أن يلتفت : بعد أن ننهي البيع ..
- غيوري بحماس : هذا وعد !!
- لم يردّ عليها شاان .. وقفت تلـوّح للناس ببهجة وتجاهلت تهديدات شاان بأنها إن لم تجلس فلن يجعلها تقود ..
وصلا السوق وبدئا يبيعان ما معهم وكان إقبال الناس عليهم ضعيفاً نوعاً ما ..
- غيوري تنظر لساعتها : بقي ساعة فقط ولم يـُباع سوى الربع ..
سنتأخر عن المهمة التالية ..
هي أنت بدل الوقوف هكذا تحرّك وإفعل شيئاً ..
- رمقها شاان بإنزعاج ثم وقف داخل صندوق السيارة
قائلاً : سيداتي الجميلات .. هل تريدون الحصول على بشرة كـ بشرة هذه
الأجمـّا التي في الـ 35 من عمرها ( وأشار إلى غيوري ) ..
ليس عليكم سوى تناول التفاح فهو أفضل غذاء للبشرة ..
- إقتربت بعض النساء ينظرن لـ غيوري والبعض يسألها إن كانت حقاً في الـ 35 من عمرها ....
إبتسمت بإحراج وكادت أن تنفي
لكن شاان تدخـّل قائلاً : صحيح صحيح ..
حتى أنا لم أصدق إلا حين رأيتُ بطاقتها الخاصة ..
- أبعدت غيوري نظراتها عنه وهي ترغب بركله لكنها فضـّلت تأجيل ذلك
حتى يبتعد الناس ..
* بعد ساعة بالتمام إنحنى شاان صارخاً وهو يمسك ساقه بألم بينما
قالت غيوري من بين أسنانها بغضب : أجمـّا في الـ 35 !! لا تمزح معي مرةً أخرى ...
ونزلت تجلس مكان السائق بينما نزل شاان يدلّك ساقه : لقد فقدتِ عقلكِ بالتأكيد ..!!
- تجاهلته ليركب في الجانب الآخر وهو يقول بدون نفس : هيـّا تحرّكي أم سنبقى هنا طويلاً !!
- إبتسمت غيوري ببراءة وهي تنظر إليه : هل يمكنني أن أطرح سؤالاً ؟!
- " ماذا !! "
- " أين البنزين وأين الكوابح ؟! .. "
- نظر إليها شاان بصدمة : ماذا !!
- " ألم تسمع ؟! "
- " هل تمزحين !! "
- هزّت رأسها بالنفي ليقول شاان : إبتعدي أنا سأٌقود ..
- تمسكت بالمقود : كلا أنت وعدتني ..
- شاان بملل : ليس هناك وقت للمرح ..
- " حسناً أخبرني أين هي وسأتكفل أنا بالباقي .. "
- أشار للكوابح بدون نفس : هذه الكوابح وهذا البنزين ..
* بدأت تقود ببطئ شديد بينما كان هو يصرخ بها طوال الطريق : إنعطفي يميناً ...
كلا كلا الكوابح هنا .. إنتبهي للمرأة ....
بعد أن فقد صبرهـ صرخ بها : إبتعدي أنا سأقود ..
- زمـّت غيوري شفتيها بإمتعاض وكانت حقاً ترغب في أن تقود السيارة أكثر من ذلك .. نزل يركب مكان القائد وهو ينظر لوجهها ..
إبتسم ساخراً : لهذه الدرجة تريدين قيادتها ؟!
- أومأت برأسها ليقول : ألم تقودي سيارة من قبل ؟!
- هزّت رأسها بالنفي ليقول : لماذا !!
- " لا أدري .. ربما لأن أبي لا يريدني أن أقود بنفسي .. "
- هزّ رأسه ساخراً : آآهـ هكذا إذاً .. حسناً إذا تعلـمتِ القيادة ربما أجعلكِ تقودينها ..
لكن الآن أخشى أن تتسببي بحادث ..
- ضحكت ساخرة : إذا تعلمت القيادة ؟! ..
**
- حلّ المساء والطلاب لم يستريحوا للحظة واحدة ..
حتى أنهم لم يتناولوا وجبة الغداء بعد ..
إنتهى المهرجان وجلس الطلاب ليرتاحوا قليلاً بينما قالت السيدة : شكراً لعملكم أحسنتم جميعاً .. المهمة التالية ستعرفونها من السيـّد كيم ..
- " ماهذا الآن ؟! إنها الـ 9 مساءً .. ألن نحصل على راحة !"
- " نريد أن نتناول عشائنا على الأقل بما أن موعد الغداء قد فات بالفعل !! "
- " توقفوا عن التذمر وإسمعوني جيداً ... "
- توجهت الأنظار ناحية السيد كيم والذي قال : مهمتكم الأخيرة لهذا اليوم ستكون عبارة عن مناوبات .. بعضكم سيكون في البقالات والبعض في الصيدلية
والبعض في المطاعم التي تفتح طوال الليل ..
والآن سأقوم بتوزيعكم وعليكم أن تقضوا مناوبتكم لـ 8 ساعات هل هذا واضح ؟! ..
- أحد الطلاب : هذا كثير !! 8 ساعات !! هل نحن ماكينات !! ثم أنا جائع وأريد أن آكل ..
- السيد كيم : لستُ من حدد الوقت فلا تزعجني بتذمرك ..
ثم إن كنتَ جائعاً فليس ممنوعاً أن يأكل المناوبون أثناء أعمالهم .. تناولوا ما تشائون ..
- بدأ يقرأ الأسماء ويوزع الطلاب .. لا أسمع شيئاً .. لا أشعر أنني بخير ....
أنزلتُ رأسي أنظر للأرض " متى سينتهي هذا الجحيم !! "
- " فيكي .. هيي أجمـّا !! ألن تتوجهي لعملكِ ؟! " ..
رفعتُ رأسي أنظر لـ شاان الذي يقف لوحدهـ ..
ذهب الجميع لأعمالهم ولم يبقى سوانا ..
وقفتُ وأنا أومئ برأسي : بلا سأذهب ..
مشيتُ خطوتين للأمام وتوقفت حين سمعت شاان يسأل : إلى أين الصيدلية من هنا ..!!
- " آآهـ إذاً نحن لنا الصيدلية ... " ..
مشيت حيث أشار ليسألني مجدداً : مابكِ ؟!
- " لا شيء .. " .. هو كل ما تمكنتُ من قوله .. توجهنا إلى هناك بصمت ..
دخلنا وقام المسؤول هناك بإعطائنا بعض المعلومات والنصائح ثم غادر ..
جلس شاان مكان المسؤول بينما لم أتحرك خطوة واحدة وأنا أشعر بتقلصاتٍ في معدتي ..
حاولت التماسك وأنا أتقدم وألقي نظرة على الأدوية ..
- شاان ساخراً : ألا زلتِ تملكين الطاقة حتى الآن ؟!..
- رفعتُ صوتي أردّ بسخرية مماثلة : أجل أيها العجوز ...
إستندتُ على أحد الرفوف بعيداً عن عيني شاان وقد إزداد الألم أكثر .. أسمعه يتكلم لكن لا أعرف مالذي يقوله ..
أمسكتُ بمعدتي أضغط عليها لعل الألم يخف قليلاً .. بعد ثوانٍ بدأ يتناقص لأقف بإعتدال
وأنا أسمع شاان يقول وهو يقف خلفي : يبدو أنني كنتُ أهذي مع نفسي !!
مابكِ اليوم شاردةٌ هكذا !!
- حركتُ رأسي بالنفي : قلتُ لا شيء ..
- سؤاله مليء بالشك حين قال : هل أنتِ متأكدة ؟!
- " هل أنتَ مهتم إلى هذه الدرجة ؟! توقف عن إزعاجي .. "
قلتها بنبرة مـُنزعجة وقد بدأ مزاجي ينخفض
وأخلاقي تسوء في مثل هذه الحالة ....
رأيته يتأملني بإستغراب ثم صرخ بي : فلتذهبي إلى الجحيم ومن سيهتم لكِ !! ..
- رمقته بغضب وأبعدت نظري عنه .. بينما عاد هو مكانه بدون إكتراث ...
رغبةٌ بالتقيؤ إنتابتني فجأة وبقوة ..
جريتُ مسرعة أدفع الباب وأخرج أبحث عن دورة مياهـ قريبة ..
* تابعها شاان بنظراته وهو يتمتم : مالذي يحدث لها !! .. عاد ينظر في ورقة المعلومات أمامه يحاو إشغال نفسه
لكنه تركها سريعاً وخرج يجري خلفها .. رآها تمشي وتتلفت حولها ممسكةً ببطنها .. تبعها سريعاً : مالذي جرى لكِ ؟!
- إلتفتت إليه : أريد دورة مياه ...
- قال بسخرية : مالذي أكلتيه لتصابي بالإسهال !!
- وجهها كان يتلون بكل الألوان وهي توشك أن تتقيأ .. إستدارت عنه وجرت مبتعدة ثم إنخفضت قرب إحدى الأشجار وتقيأت ..
راقبها بإشمئزاز ولم يقترب منها .. بعد أن إنتهت نهضت متوجهة للصيدلية ..
مرّت بجانبه وكان الإشمئزاز مازال واضحاً على وجهه وهو يقول : هل أنتِ بخير ؟!
- تجاهلته ودخلت الصيدلية ..
تفاجأت حينما وجدت هناك دورة مياه " ياللغباء .. لم أفكر حتى بالبحث هنا " ..
أسرعت تدخله ثم خرجت بعد أن غسلت وجهها .. كان القلق والإرتباك واضحاً عليها ..
أخرجت هاتفها تنظر للتاريخ " إذاً هذا هو وقتها ! "
راحت تراقب شاان الذي يجلس مكانه ويعبث بهاتفه " مالعمل الآن ؟! ...
يجب أن يخرج من هنا .. "
بعثرت شعرها وهي تذرع الممر ذهاباً وإياباً " ياللإحراج ... " ..
نظرت لساعتها " لا يمكنني البقاء هكذا ... "
رفعت صوتها : شاان الا تشعر بالجوع .!
- " بلا .. " قالها دون أن ينظر إليها ..
- " ما رأيكَ أن تشتري لنا شيئاً نأكله ؟! "
- رفع رأسه ينظر إليها : ولماذا لا تذهبين أنتِ ؟!
- " لا أشعر أني بخير .. سأبقى هنا وأنت أسرع وإشتري لنا طعاماً .. "
- كان سيرفض لكن وجهها الشاحب أرغمه على الموافقة .. نهض ليخرج وهو يقول : تعرفين كيف تستخدمين آلة البيع !!
- أومأت برأسها : أجل لا تقلق ... خرج بينما راحت هي تراقبه حتى دخل المطعم المقابل ..
أسرعت بعدها أخذت ما تحتاجه وقامت بالمحاسبة عنه
وأسرعت نحو دورة المياه ..
خرجت بعد دقيقة و وضعت الباقي في حقيبتها ثم إشترت لنفسها
مـُسكناً للألم وأخفته في
جيبها بإنتظار أن يعود شاان لتأكل ثم تأخذ الدواء ..
- بعد ربع ساعة عاد يحمل معه الطعام : تعالي لنأكل في الخارج ..
- خرجا يجلسان أمام الباب وبدئا يأكـُلان ... كان يراقبها وهي تأكل ..
تبدو كمن تـُجبر نفسها على الأكل ..
- سألها : ألا يعجبكِ ؟! لم أجد غيره ..
- هزّت رأسها سريعاً : كلا لا عليك .....
- بعد أن أنهيا طعامهما دخلا و جلس مكانه وهو يرى
جهاز الكمبيوتر : هل حضر أحدهم ؟!
- " كلا لماذا ؟! .. "
- شاان بإستغراب : لقد تم بيع بعض الأغراض قبل قليل !!
- إرتبكت غيوري : آآهـ تذكرت لقد جائت إمرأة قبل قليل وإشترت بعض الأشياء ...
وأسرعت تـُخفي نفسها خلف الرفوف وهي تشعر بالإحراج الشديد ..
بينما صمت شاان وهو يعلم أنها تكذب ..
فلا أحد جاء هنا .. فقد كان يراقب الصيدلية من المطعم ولم يرى أحداً يدخل ..
- " إذا كانت مـُتعبة لماذا لا تقول فقط !! .. " ..
هذا ما كان يفكر به شاان وهو يراقبها تتجول بين الرفوف بلا هدف فقط لتتجنبه ..
لكنه عاد يوبـّخ نفسه على غباءهـ " ومالذي ستقوله برأيك يا غبي !! "..
- بعد ساعة حضر المسؤول إليهما وقال : بإمكانكما تولي مناوبة غير هذه ..
- شاان بإستغراب : لماذا ؟!
- المسؤول : لأني لم أرى أي زبائن طوال وقت جلوسكما .. وهذا لن ينفع ..
- شاان : وهل هذا ذنبنا !! ثم إلى أين سنذهب !!
- المسؤول : مخازن الشعير و المصنع المجاور لها .. عليكم حراستها ...
- شاان : ماذا !! هل تمزح معنا الآن ؟!
- المسؤول : أسرعا بقي أمامكما 6 ساعات لإنهاء المناوبة ..
- نظر شاان لغيوري الصامتة طوال الوقت : مارأيكِ ؟!
- ليس لديها طاقة للحديث حتى .. هزّت كتفيها بمعنى لا أدري ..
تنهد شاان بإنزعاج : أسرعي لنذهب إلى هناك ....
أخذت حقيبتها وخرجت تمشي خلفه ..
* إلتفت إليها وهي تمشي ببطء شديد وتنظر للأرض ..
وتلك الحقيبة تزيد تعبها تعباً ..
شعر برغبة في حملها على ظهره لكنه طرد رغبته سريعاً
وهو يعود ويأخذ حقيبتها منها : أسرعي أيتها السلحفاة ..
وفي داخله يشعر بالأسف تجاهها ....
وصلا إلى المخازن ليغادر مباشرة من كان يجلس هناك بدون حتى
أن يسألهم عن شيء ..
أشار لها أن تجلس ثم أسرع يجمع بعض الأخشاب و أوقد النار ..
جلسا بصمت بجانب بعضهما ينظران أمامهما ..
الهدوء يعمّ المكان ولا يسمعان سوى صوت فرقعات الخشب المحترق ..
- كان شاان يشعر بالملل الشديد بينما غيوري ترغب في أن تستلقي
في فراشٍ دافئ وتنام فقط ..
حاول شاان قطع الصمت وفكر في أن يخترع أي موضوع ليتحدث فيه
مع غيوري الذي يعلم أنها ستخالفه الرأي ثم سيتجادلان
ويسخران من بعضهما وهكذا سيمضي الوقت سريعاً ..
هذا مافكر به لكنه تراجع وهو يرى وجهها المـُتعب ..
" لماذا عليها أن تتعب اليوم بالذات !! "...
أخرج هاتفه يعبث به بصمت بينما كانت هي تحاول إبقاء عينيها مفتوحتين ..
لكنها لم تتمكن من ذلك فذاك الدواء قد سكـّن الألم وبدأ النعاس يسيطر عليها ..
بدأ رأسها يسقط فجأة حين تغفو عينها ثم تتنبه وترفعه وسرعان ما تغفو مجدداً ..
إلتفت إليها شاان ..
تـُخبئ يديها في جيب معطفها وترتدي القبعة لتغطي رأسها الذي يسقط بين لحظةٍ وأخرى ..
عاد ينظر لهاتفه متجاهلاً غيوري لكنه عاد ينظر إليها بتردد ..
سحب حقيبته وأخرج منها لحافاً خفيفاً وغطـّاها
به وعاد يعبث بهاتفه مجدداً .. وبين الحين والآخر ينظر إليها
" هذا لن ينفع !! .. "
قرّب حقيبته و مدّ يديه بتردد شديد يمسك بها
بلطف وجعلها تستلقي واضعاً رأسها على الحقيبة ..
تفاجأ حين فتحت عينيها تنظر إليه .. كان قريباً منها جداً ولم يعرف كيف
يبرر قربه هكذا ..
إبتسم بإرتباك وهو يقول : فقط يجب ......
وصمت حين أغلقت عينيها مجدداً وغرقت في النوم ..
تنهد بإرتياح وضحك من نفسه حين خاف منها معتقداً أنها إستيقظت ..
**
يتبع ...