{ مميز } قَهْوةُ الفِرآق .. ممُتزِجةً بِمرارَةِ النّهايَة " قصَّة قصيْرَة "

[C O F F E]

السَّلامُ عليْكُم

قصَّة قصيْرَة أوّل ما سأنثُره هُنـآ
لَن تأخُذَ مِنكُم الكثِير

فلا تَحرِمُوني كُل مافِي
جعْبتِكُم

وعِند النّقل لا تنْسَو اسمِي رجـاءً !!

كانَتْ تنظُر إلِى ساعتِهآ بملَلْ , وتلْتَفتُ بيْنَ الحيْنِ والآخَر علّها تجِدُ بيْنَ الملاَمِح
المُنتَشرَةِ حوْلها الشَّخْص الّذِي تَبْحثُ عَنه
كانَ الصَّوتُ يصْدَح مُنادياً بيْنَ الحِين والآخَر ليُعلِن عن هبُوطِ طائرةٍ وإقلآعِ أُخرَى ! ,
كانَ قلبْها يخْفِقُ بقوَّةٍ كُلمّا ارتَفع
صّوْت النّداَءْ ابتسَمتْ بِسُخريةٍ وأنْكسَت رأسهَا ,
رفعَت قِلآدتها وتأمّلتها أغمَضتْ عيْنيهَآ تذكّرت عيْد ميلادِها الماضِيْ ,
كانَت هذهِ القلآدةُ الذّهبيّة هديَّتهُ الأقْرَب إلَى
قلبِها فتحَتْ عينيْهَآ ووقَفتْ فجأةً تُحدّث نفْسهَآ :
" سأنْسآهـ عليَّ أنْ أنساهـ "

ومضَت تاركَةً مِقعدهآ لتشْتَريَ قَهْوةً ساخِنةْ سألهَآ البائِع : قهْوتكِ مُرَّةٌ , سيّدتِي ؟!
تلأْلأتْ عيْناها الرَّماديْتان وهِيَ تقُول : مُرَّةٌ كثيْراً يا سيّدِي !!
رفَع البائِعُ حاجِبهُ ليُعبّر عنِ استْغرابٍ لَم تُخفِهِ ابتسامَتهُ وهَو يقولْ : تفضَّلِي !

عادَت إلِى مقْعدِها قرّبَت كُوبَ القَهوةِ إلِى شفتيْها الصّغيرتيْن , ارتَشفتِ القَليْلَ
وابتسمَتْ بِرضآ , وحدّثتْ نفسَها :
" علَى القَهْوةِ أن تكُون مُرّةً تمـاماً هكذآ , تمامـاً كقصّتنِا "

أخذهَا عبَقُ قَهوْتِها إلَى تِلْك الأيّام , تِلْك الذّكرياتِ الورديًّةْ كانَت تُفضّل القهْوَة
مَع الكثيْرِ مِن السُّكر , تُحبّ الأحَمر
كوردَة الجُوريّ الّتِي تتلآقّاها مِنهُ بيْنَ الحيْنِ والآخَر ,
تعْشَق اللّيْل بِصُحبتِه فِي مدينتِهما الواسِعَة باختِصارْ تِلكْ الأيّامُ
حيْنَ كانتْ تُحبِّه تَرى فِيه آلكثِير والجَميْل وقَد تلاشَتِ العيُوب الّتِي
أجَبرتْها عيُون القَدر علَى تأمُلّها جيّداً , جيّداً
بما فِيه الكفآيَة لتُنذِر بالودَاع وتتوشّح الفِرآق ,
أفاقَت علَى نداءِ الإقلاعْ , حملَت حقيْبتها ومضَت .

خُطىً حائِرَة كانتْ تعبْرُ النّاس بِسُرعَة , تتجاَوزهُم حيْناً وَ تدْفعُهم بِعجلةٍ
حيْناً آخَر وصَل أخيراً أخذَ يُفتّشُ بيْن النآس عَن
قلْبٍ يُريْدِ أن يتدارَكهُ قَبل أنْ يغيْبَ عَنه وقَف بحيْرَة أنفاسهُ تتساَرعْ وقَلبهُ
كادَ أن يَخْرُج لَوْلا يَدٌ رَبتتْ عَليْهِ مِن الخَلف
التَفتَ ليَرى شخْصاً تركَتْ فِيه الأيّام تجاعيْدهـآ الكثيْرَة ولكنّها لَم تحْرِمهُ
ابتسامَتهُ الشّابَة بِعْكسِ شُعيْراتِه البيْضاَء
الّتي تناثَرتْ هُنا وهُناكْ

تساءَل بِنفاذِ صَبْر : بمَ أخدِمُك يا عَم ؟!
أبْعَد الرّجلُ يدَهُ وقالْ بابْتسامَة : نَعم أنْتَ هُو ! قالَت بأنّك ستأتِي ,
كانَت فتاةً جميْلَة قالَت أنّها تُريْد القهْوَة مُرّةً كثيْراً

قاطَعهُ بلهْفَة : هَل أتَتْ ؟ هَل كانَت تنْتظِرُني ؟ أيْنَ هِي ؟!
ولكِنّ الرّجُل أجَابهُ بِحُزنٍ ليُطفِيءَ لهْفتَه : ذهَبتْ وتَركتْ هذه !
نظَر بيأْسٍ ليدَيِّ الرّجُل والتقطَ مافيْهِما , قلادَتهُا الذّهبية ,
وقُصَآصةُ ورقَةٍ بيْضاَء , وكُوب قهْوةٍ بارِد !
قرأَ القًصَاصَة :
" القهْوَة مُرَّةٌ ! تماماً كخيانتكَ ولكِنها بارِدةٌ كمشاعِر قلِبْي تُجاهكَ الآن "

التَفتَ إلَى الرّجُل الّذِي كانَ قَد همّ بالانْصِرافِ
وناداهـ قائلاً : يا عَم ! ماذا قالَتِ الفتاَةُ عنِ القهْوةِ ثانيْةً ؟!
قالَ الرّجُل وهُو ينظْرُ فِي عينْيِه مُباشَرةً : كانَتْ تُريْد القهْوَة مُرَّةً كثيراً يا بُنيْ

ابتسَم الشّاب بِسُخريَة وانهْمَرت دموعُه علَى القُصاصَة الّتي
اعْتصرَها بيْن يدَيْه ومضَى وهُو يرْتشَفُ قهْوتَهُ المُرّةَ علَّهُ يتذوّقُ
مرَارةَ الخِيآنة ممُتزِجةً بلَوْعةِ الفِرآق وكثيْرٍ مِن
الاشتيْاق لقْلبِ لنْ يجَدهُ قرْيباً مِنهُ بعْد الآن .

تمَّتْ !

تحيَّة مَع باقَة ياسميْن و لا تحْرِمُوني ردُودَكُم

الموضوع الأصلي : { مميز } قَهْوةُ الفِرآق .. ممُتزِجةً بِمرارَةِ النّهايَة " قصَّة قصيْرَة " || الكاتب : C O F F E || المصدر : منتديات أنيدرا