- لم أتمكن من النوم براحة وأنا أعلم أن لديّ عملاً في الرابعة فجراً , كـُنتُ أتنبه بين الحين والآخر أنظر للساعة المعلـّقة على الحائط ثم أعود لأغفو مجدداً .. البرد الشديد أيضاً أزعجني جاعلاً مني أنطوي على نفسي .. في آخر تنبّه لي كانت الساعة الثالثة فجراً ... نهضت بكسل شديد بعد أن حظيت بنومة سيئة وخرجت للحمام غسلت وجهي ثم خرجت أستكشف السكن .. دخلت المطبخ وكان شبه نظيف ماعدا بعض الأواني المغسولة وموضوعة في مكان التجفيف , وضعتها في أحد الأدراج .. و توجهت بعدها للصالة كانت أيضاً نظيفة " لم تكن هكذا بالأمس ؟! هل نظفها ذاك الغبي قبل أن ينخمد ؟! .. لكن لما هي مكتومة هكذا ؟! ".. كانت تحتاج للتهوية .. لذا أبعدت الستائر وفتحت نافذتها الزجاجية الكبيرة سامحة للهواء أن يخترقها .. رتبتُ الوسائد الصغيرة على الصوفا , ورتبت أيضاً ألعاب الفيديو المجموعة أمام التلفاز بفوضى .. ذهبت بعدها للمدخل ورأيت أحذية الشباب مرميـّة هناك .. ضحكت من حجمها : وااه تبدو كالغوّاصات !!.... أخذت واحدة وإرتديتها وسـُرعان ما إنزلقت قدمي داخلها , ضحكت على شكلي : أبدو كالمـُهرّجين !!..
- ...... : هل حذائي سيء لهذا الحدّ ؟! ...... إستدرتُ بسرعة ورأيتُ شاباً يقفُ خلفي و آثار النوم واضحة عليه , قلتُ بإرتباك وأنا أرى نظراته المستغربة : أووهـ كلا لم أقصد ذلــ ..... قاطعني وهو يتأملني : مالذي تفعلينه هنا ؟!
- " أنا ... سأعمل هنا !! "
- رفع حاجبه : ألم ترفضي العمل مـُسبقاً ؟!
- ( مالذي يريده هذا الآن ؟! ) ... تنحنحت : صحيح لكن لاحقاً وافقت .... صمتَ قليلاً يراقبني وأنا أشتت نظراتي ( تباً هل يستمتعون بالتحديق بي ؟! ) .. قال وهو يستدير : هل ستبقين طويلاً بالحذاء ؟! ... تنبهت أنني مازلت أرتديه , بدأت بخلعه وأنا أعتذر بصوت عالِ ليسمعني بما أنه إبتعد لكن صوت شخص آخر أوقعني أرضاً : هي لماذا تصرخين ؟! .. ونظر لقدمي : ولماذا حذاء ميكي عليكِ ؟! .... وقفت , خلعته و وضعته مع باقي الأحذية في الخزانة وإبتعدت دون أن أرد عليه ( ماهذا اليوم البئيس ؟! ) ..... عـُدت لغرفتي وأغلقت الباب : مابهم هؤلاء مع هذه الشخصيات الغريبة !! .. نظرت للساعة كانت تشير لـ الثالثة و الرُبع .. فتحتُ حقيبتي لأخرج لباساً للعمل .. بدأت أُفتشها بهدوء لأرى مالذي وضعه أخي هان فيها .... وفي الصالة , ايل وو يسأل ميكي : مالذي تفعله هذه هنا ؟!
- ميكي بدون إهتمام : يبدو أنها قبلت العمل ..
- ايل وو يفكر : ومتى جائت , وكيف عرفت المنزل ؟!
- ميكي يقف ويتجه للمطبخ : لا تسألني , فأنا كنتُ نائماً مثلك منذ وقتٍ باكر بالأمس ...
- ايل وو يتبعه : أتسائل مالذي سيفعله شاان بعد أن يراها , أراهن أنه سيرميها من النافذة !!
- توقف ميكي وإلتفتَ ينظر لـ إيل وو ثم قال : لماذا تتبعني ؟!
- ايل وو : ممنوع ؟!
- إستدار ميكي يفتح الثلاجة وهو يقول : كلا !!
- ايل وو يـُطلّ معه داخل الثلاجة : إذاً إخرس ودعني أتبعك , فأنا أشعر بالملل في الحقيقة ... وإبتسم بغباء لميكي الذي رمقه بنظرات جامدة ثم صرخ وهو يشير لشيء ما : أووهـ إنها فطائر !! فطائر كيونا أخرجها بسرعة قبل أن يستيقظ بسرعة .... رمقه ميكي مجدداً بتلك النظرات ليبعده إيل وو عن وجهه بملل ويخرجها هو بنفسه : إبتعد وحدّق بعيداً عني ... وراح يسخنها وهو يتمتم : يبدو أنه لم يستيقظ بعد !! ( يقصد ميكي ) ..
**
- عرفتُ الآن لماذا كانت تلك الحقيبة ثقيلة جداً !! لم يتبقى شيء في خزانتي لم يضعه لي هنا !! ( الملابس والعديد من الأحذية التي اُفضل إرتدائها دائماً والكثير من التنانير القصيرة .. كما وضع لي فـُستاناً للمناسبات .. ) ضحكتُ في نفسي : وأين سأرتديه ؟!.... فتحتُ السحاب الداخلي للحقيبة فوجدت هاتفي الجوال مـُغلقاً .. فتحت غطائه من الخلف و وجدته بدون بطاقة إتصال .. إبتسمتُ وأنا اُعيده : سأستخدمك مجدداً مع رقم جديد .... رأيتُ علبة صغيرة فتحتها و وجدت داخلها عقداً وساعة يدي الثمينة ذات الجلد الوردي التي أهداني والدي قبل فترة ... أعدتُ كل شيء مكانه بينما أخرجتُ الساعة لأرتديها , فأنا لا أستغني عنها أبداً ... أخرجتُ بنطالاً وقميصاً وبلوفر ذو ألوان زاهية وقبعة ونظرات ذات إطار باللون الأزرق الغامق " إنها الخاصة بـ هان !! حسناً سأرتديها ".. و أخذتُ بعض ما أحتاج للحمام ودخلت أستحم بسرعه : لم ينسى حتى أغراضي المفضلة للإستحمام !! ..... أنهيتُ إستحمامي وإرتديت ملابسي ثم خرجت ولم أرى أحداً في الصالة " هل عادوا للنوم ؟! " .. خرجت بهدوء من المنزل وتوقفت في الفناء , لقد أبهرني بقوة , خصوصاً الحديقة و حوض السباحة الذي يتوسطها , أسرعتُ خطواتي نحوه بسعادة وكأنني سأغوص فيه يوماً .... كانت إضاءته خافتة ومـُبهرة , كما أن الظـُلمة التي تحيط به جعلته يـُغريني بأن أخلع ملابسي دون مراعاة للبرودة و أرمي نفسي داخله .. نفضتُ رأسي للتخلص من افكاري الغبية ومشيت للبوابة لأخرج .. بمجرد أن خطوت خارجها خطوة واحدة أصابني الخوف .. فالظلام دامس ولا ملامح للطريق ولا سيارات تمـّر من هنا .. " مالعمل الآن ؟! .. وكيف سأذهب للعمل ؟! " .. إستدرتُ عائدة للمنزل والخيبة تسيطر علي .... دخلت وأنا انظر للساعة التي تشير لـ 3:30 ... رفعت رأسي عندما سمعت أحدهم يسألني : مالذي تفعلينه في هذا الوقت ؟! .. نظرت إليه " آهاا هذا ميكي " .. كان ينظر إلي بإستغراب ويحمل في يده اليمنى كوباً ويده اليسرى يخفيها في جيب بنطاله الرمادي الذي يصل لمنتصف ساقه ... إرتبكتُ من سؤاله لكني قلت : سأذهب لعملي .... إتسعت عيناه وهو يقول : عملك ؟! .. وأخرج يده من جيبه ونظر للساعة : مالعمل الذي تقومين به في هذا الوقت ؟! ....
- ياللإحراج هل يحقق معي هذا أم ماذا ؟! .. تجرأت وسألته : لو سمحت !! ... نظر إلي بمعنى أكملي لأقول : كم يبعد مكتب ( ... ) عن هنا ؟! ... رفع حاجبه وكأنه يفكر ثم قال : ربما بالسيارة 5 إلى 7 دقائق .. لماذا تسألين ؟!
- " و على الأقدام ؟! "
- " ماذا ؟! على الأقدام ؟! "
- " نعم "
- " لم أجرب صراحةً .. لكن لماذا هذه الأسئلة الغريبة ؟! .... " وإرتسمت الصدمة على وجهه وهو يـُكمل : لا تخبريني أنكِ ذاهبة هناك ؟!
- أومأت برأسي إيجاباً وانا أقول : نعم ... مشيتُ لغرفتي بإحباط " لماذا الطريق مـُخيف هكذا ؟! " .. وهو مازال واقفاً مكانه ... دخلت وجلست على فراشي المطوي أفكر " يا للحظ !! .. هذا يعني أن أترك العمل هناك .. مستحيل أن أذهب إلى هناك فجر كل يوم " ... وقفت وفتحت النافذة وصرخت : لماذا لا يوجد شوارع مـُضائة هنا !! ... سمعت صرخة غاضبة لا أعلم من أي نافذة هي قادمة تقول : أغلقي النافذة ونامي أيتها المزعجة ... ضحكتُ وأنا أغلق النافذة : ولماذا تنام وأنت تفتح نافذتك أيها الدب القطبي ؟! .... في هذه اللحظة طـُرق باب غرفتي ودخل الطارق .. سألت بإستغراب : ميكي ؟! ... ماذا هناك ؟! .. سألني : هل تريدين الذهاب لعملك ؟! ..
- " بالتأكيد .. وأكملت بسخرية : لماذا هل ستأخذني إلى هناك ؟! " ... تفاجأتُ عندما قال : نعم , فأنا سأذهب على كل حال إلى مكتب هيونغ لجلب بعض الأوراق الهامة , أسرعي إن كنتِ ستأتين معي ... و خرج و أنا واقفة مكاني أنظر لمكانه الخالي : على أي أساس يوصلني معه ؟! ... حسناً لا يهمني .. المهم أن لا أتأخر عن عملي ..... خرجت خلفه بسرعة وأنا أتسأئل في داخلي " هل هناك شباب مثله هذه الأيام ؟! " ..... خرجتُ بسرعه ورأيته يمشي نحو البوابة وهو يلعب بمفتاح السيارة بيده .. للتو إنتبهت أنه غير ملابسه الظريفة وهاهو يرتدي بنطالاً ضيقاً باللون الأسود وسترة جلدية زرقاء .. رغم خفوت الإضاءة إلا أنه كان مميزاً " يعجبني هذا اللباس على الشباب .. " .. فتح باب السيارة و ركب و وقفت مترددة قليلاً لينزل ويقول بنفاذ صبر : ألن تركبي ؟! ... فتحت الباب وركبت بسرعة وعاد هو ليركب .. حرّك السيارة ومشى والصمت يخيم على المكان ... مشينا مسافة قليلة وأنا أركـّز بقوة في الطريق لأحفظه .. ظهرت أنوار المدينة بعد دقيقتين أو ثلاث من مشينا " هل هي بهذا القـُرب ؟! " .. فرحت في نفسي كثيراً لأنني عرفت قـِصر الطريق وسهولة إجتياز هذه المنطقة سيراً على الأقدام .... في هذه الأثناء أخرج ميكي هاتفه وإتصل بأحدهم .. ثوانٍ وأسمعه يقول : خمس دقائق وأكون هناك ... أوقف السيارة وقال : لقد وصلنا ... إبتسمت و وضعت يدي على مقبض الباب لأفتحه لكن إستوقفني صوته الهادئ : لقد أوصلتكِ حتى تقدمي إستقالتكِ من العمل عندهم !!! .........
**
- وقفـَت بتردد أمام باب غرفته ونظرت لزوجها الذي كان يجلس في الخارج ينتظرها .. أومأ برأسه لتفتح الباب ببطء وتدخل , رأت السيدة تلتفت ناحية الباب ثم تقف بصدمة وتتقدم نحوهم بسرعة وتقول : مالذي تفعلينه هنا ؟!..
- أم هان : مرحبا أم وانغ , كيف أنتِ ؟!
- شملتها أم وانغ بنظرات الغضب ثم قالت : كيف تجرأين على القدوم إلى هنا ؟! ... أخرجي حالاً , أخرجي ألا تسمعين ؟!
- مشت أم هان بتجاهلٍ تام و وقفت أمام سرير وانغ النائم , قرّبت يدها بتردد ومسحت على رأسه وهمست : آسفة يا بـُني , أرجوك تعافى سريعاً لأجل إبنتي .... سمعت صرخة أمه التي قالت وهي تدفعها بعيداً عن السرير : ياللوقاحة !! من أجل إبنتك !! إن كان لديكِ القليل من الكبرياء فـغادري قبل أن أستدعي الأمن لإخراجك ..
- أم هان : ليس هناك داع لكل هذه الجلبة , كنت أريد الإطمئنان عليه لا أكثر .. عموماً أنا آسفة لما يحصل له , عن إذنك .. وإستدارت لتخرج وتوقفت عندما قالت أم وانغ بصوتٍ منفعل : لا تتأسفي !! فقط إجعليه يستيقظ وأوقفي النزيف الذي سيقتله !! سأسامحك وأسامح إبنتك .. إن فعلتِ ذلك سأسامحكم !!!
- أمسكت أم هان دموعها وهي تقول دون أن تلتفت : لو كنتُ أستطيع ذلك لفعلته بدون تردد حتى يستيقظ و يقول الحقيقة من أجل إبنتي .... وخرجت تاركة أم وانغ تبكي في مكانها بحسرة ..
**
- في الصين , كان ليو بان عائداً من مركز التسوق برفقة ووتشي بعد أن إشتروا مايحتاجه المطبخ الملكي .. دخلوا و وضعوا المشتريات على الطاولة الكبيرة التي تتوسط المطبخ وجلست ووتشي بتعب بينما خرج ليو بان مباشرة عبر الباب الخلفي للمطبخ والمـُطل على الحديقة وهو نفس الباب الذي دخلوا منه .. جلس على عتبة الباب وأرسل لأمه رسالة يسألها عن حالها وحال أخته الصغيرة لكنه إلتفتَ فزعاً عندما سمع صوت ووتشي التي كانت تقف خلفه : متأكدة أنك تـُخفي أمراً ما !! ..
- إرتبك ليو بان وهو يضع هاتفه في جيب بنطاله وقال مـُتهرباً : يالإصرارك ؟! أي موضوع هذا الذي تتخيلينه ؟! ... و وقف ليغادر قائلاً : لا تفتحي معي هذا الموضوع مرة أخرى .... ومشى مبتعداً لكنه توقف عندما قالت ووتشي بغضب : ليو بان لقد تغيرت كثيراً وأصبحت تخفي عني كل ما يحدث معك .. مالذي أريده غير مساعدتك ؟! هل تعتقد أنني لم أقرأ تلك الرسالة التي بعثتها قبل قليل لأمك ؟! .. أنت دائم القلق عليهم وهذه ليست عادتك , حتى أنا أصابني القلق عليهم وأخشى أن يصيبهم مكروه ... عموماً لستَ مـُضطراً لإخباري عن أي شيء يخصك فهذا شأنك أنت وعائلتك .... ودخلت للمطبخ سريعاً بينما إلتفتَ هو ينظر لمكانها الخالي ويحاول السيطرة على دموعه قدر الإمكان , لكنها في الأخير نزلت , مسحها بسرعة بأطراف أصابعه وهمس : آسف ووتشي .. وذهب لينجز أعماله اليومية .... بينما إبتعد آتاشي بعد أن سمع حديثهما كاملاً وأجرى إتصالاً بـ شومي يخبرها عن كل ماسمعه ...
يتبع ...