الفصل السابع :
وآندِي .. صَديْقَةُ الطُّفُولَة .. ! ~
صبَآح اليْومِ التَّالِي تمَام العاشِرَة والنِّصْف ,
كَآن كاي فِي طائِرَته الخاصَّة
المُتوجِّهَةِ إلَى نيُويوركْ ومَآيْلِي فِي
مكانٍ خُصِّصَ لهَا وللسَّائِق الخاصِّ .
كـآنتْ مايلٍي تنْظُر بِشرُودٍ نحُو النّافِذّة أغْمضَت عينيْهَا
لبُرهَة و كأنَّهت تسْترِجعُ
شيئاً مَّآ .. :
" آخِرُ مرَّة ركبْتُ فِيها الطّائِرَة هِي حيْن حطَّتْ بنآ
فِي فرجيْنيـآ الّتِي أحبَّها أبِي وسكَنّا بِهآ , كَم كُنّا حيْنهَا سُعدَاء
بالعَودَةِ إلَى وطَنِ أُمِّي , كُنت فِي الثّامنَة فِي ذلِك الوَقْت ,
سعيْدةً بشكلٍ لا يُوصَف "
ابتسَمت وقد لمعَ بريقٌ حُزنٍ فِي عينيْهَآ لَم يلحْظهُ السّائِق
ولا النّادِلةُ الّتِي قدَّمتِ الكعْكَ والعصِيْر أمَامهُما ! ,
أمّا كايْ فكلُّ ما يشْغَل بالهُ هُوَ الحفْل كان قلقاً مِن
ظهُورهـآ هكذَا فجْأةً فلاَبُدّ مِن وجُودِ سببٍ لذلِك
وهُو علَى الأرْجَح سبَبٌ سيِّءْ !! .
فِي الحاديْةَ عَشْرَة و اثنْتا عِشرةَ دقيْقَةً
حطَّت الطائٍرةُ فِي نيُويوركْ
مايلِي وقَد همسَت لنفْسها بفَرحْ :
مرحباً يـآ نيُويورك لَقد وصلْنا أخيراً .
أمّا كاي فقَد نادَى بمايْلِي لتْحمِل لهُ حقائِبهُ الصَّغيْرَة
وبالسَّائِق لكِي يُجهّز لهُ السّيارَة الّتِي كـآنتْ وآقِفَة
أمامَ بابِ المطَار منذُ الثامِنَة و
النّصْف صباحاً ,
ركِبَت مايلِي معَ السَّائِق وكايْ خلْفهُما مُتوجِّهيْن
نحُو ( ريتزْ كارلتُون ) أحَد أفْخَر الفنادِق فِي نيُويورك
والمُفضّل لدَى السيّد
الصّغيْر .
بُهِرت مايلِي بهذَا الفُندقِ الوآقِع فِي قلْبِ تِلك
المديْنَة السّاحِرَة نيُويوركْ ,
وأخذَت تتأمّل الطّراز التّاريخِي الرآقِي الّذِي صُممّ علَى النّمط
الأوروبِّي مُستخْدمِين حَجْر الجِير الفَرنْسِي الّذِي
جعلَها تبْتسِم بانبْهار ,
لَم تكُفّ مايلِي عَن تأمُّل الثُريآت العتيْقَة
وأرْضيّاتِ العقْيِق الجميْلَة
لذآ لاحظَ كاي ذلِك عليْها فأغْمَض عيْنيْهِ
وكأنَّه يُحدِّث نفْسَه بشَيء ثُمّ ابتسَم بثقةٍ وهُو يأمُرها
بوضْعِ حقائِبهِ والتّوجُهِ للِغُرفَةِ المُجاوِرَة المُخصصّةِ
لهَآ ,
فذهَبتْ مايلِي بحماسْ لأنّها علِمَت بأنّ المزيْدَ
مِن الانبْهَارِ سيأتِي إليْها وفعلاً كانَ لها ذلِك فقَد رآحتْ
تجُول فِي أرجاءِ غُرفتِها بسعادَةٍ
غامِرَة وتُقلِّب التُّحفَ وتنْظُر مِن النّافِذَةِ تارةً وتارةً أُخرَى
إلَى ما بداخِل الخزائِن والأدْراجْ .
أمّا كآيْ فقَد أخذَ قيْلوُلَة بعْد أنِ استحمْ , وقَد قال لمايلِي
ذلكْ وأخبرها أيْضاً بأنّ وانْدِي ستصِلُ
فِي تمام الثّانيَة بعْد الظُّهر ليتناولَ الثّلاثةُ
الغدَاءَ معاً فِي مطْعمٍ قُرْب الفُندْق !! .
فِي تمامِ الثّانيَة كانَ كايْ جالساً ومُقابِله مايلِي الّتِي
كانتْ مُنكِسةً رأسْها نحُو الأرْضِ وقَد ارْتبكَت قليْلاً بسببِ
حماسِها المُفْرطِ لمُقابلةِ الآنِسة
وانْدِي ,
رفَعْت رأسَها علَى صَوْتِ كاي وهُو يُشيِر بإصابعِه
إلى بابِ المطْعَم ويهْمِس : هُنآ !!
تقدَّمَت فتاةٌ بيْضاءُ طَويلَة ذآتُ شَعْرٍ أحمَر مُنسدِل قَصيْر
وقَد ارْتدَت فُستاناً فِيْه مِن الفخامَةِ شَيءٌ كبيْر
بلونٍ ذهبِيْ وقُبَّعةٍ بذاتِ اللّونْ غريْبةُ الطّرازْ
ولكِنّ عيْنيها المُتسّعتانِ الجميْلتان كَآنت أكثَر شيءٍ
يلْفتُ الانتِباه لِصفْرتِهُمـآ الجذّابة ,
كانَت تبْدُو مِن النّوعِ المَرِح البريء أو ذلِك الهاديْءَ
الّذِي لا يخْلُو مِن الطّيبَة .
وقَفتْ مايلِي كمآ وقَف كايْ , وتقدّمتْ واندِي مِن كايْ
وصافحتْهُ قائِلةً : كآيِ ! مرحباً ..
كآي بابتسَامَة : مساءُ الخيْر لَم نلتقِ منذُ زمنٍ طَويل ..
وآندِي : آهـ صحيْح لقدِ اشْتقْتُ إليْكَ كثيراً ..
كايْ : وأنَا أيْضاً !! .. آهـ بالمُناسبَة
هذهِ مايلِي الّتِي حدّثتُكِ عْنهَا ..
التَفتْتْ وآندِي بابْتسامةٍ بشُوشَة وهِيَ تُصافِح مايلِي وتتفحَّصها
بعيْنيْها : أهْلاً بكِ تشرُّفتُ بمعْرفَتِك ..
مايلِي وقَد ارْتبَكتْ : وو أنَا أيْضاً سيّدتِي !!
جلَس الجميْعُ حْولَ الطاولَةِ يتناوَلُون الغدَاء ويْستمِعُون
لأحادِيثْ وآنْدِي وآلتِي كانَت حُول المْدرَسةِ وذْكريآتِها
القديْمَة معَ كايْ فيْ المَرْحلةِ الابتْدائيّة
حيْنَ كانَت فِي فرجينيآ ,
فوآندِي هِيَ صديْقَةُ الطُّفولَة لِكآيْ كمآ أنّها فِي مثْلِ عُمرِه
ووالدِهُا تاجِرٌ ثرّيٌ جدّاً وأمُّهَا تمْلِكُ سِلْسلَة مطاعمٍ فاخِرَة !
وشقْيقهُآ الأكبَرُ مديرُ مُستَشفىُ خاصٍّ بِه وأُختُهَا الكُبرَى
تَدْرُس فِي اسْتُراليا إدَارة الأعْمال لتسْتَلِم زمام أمُور شَرِكَة والدِها ,
ووآندِي أيْضاُ تُخططّ
لدراسةِ الهَنْدسةِ المعماريًّة وقَد عاشَت مَع عائِلتهَا
وجدّتِها لأبيْها الّتِي تمْتَلِكُ مَرْكزاً اجتماعيّاً رفيْعاً
فِي قَصْرٍ مَرْمُوق حديْث فِي طَرفِ المديْنَة
وهِي ترْتادُ المَدْرَسة الخاصَّة ! ,
هذَا ما حدّثتْ بهِ وآندِي مايلِي لتُعرِّفَ نفْسها وحالما طلَبت
مِن مايلِي الحدْيثَ عنْ نفْسِها قليْلاً ..
لَم تجِد مايْلِي بُدّاً مِن قَول : أأنا فِي الوآقِع أعمَلُ
خادِمَة مُؤقَّتةً لدَى السّيِد كايْ !! ..
وآنْدِي : هذا جُزءٌ أعْلَمهُ ولكِن تبْدِينَ صَغْيِرَة
ألا ترْتادِين المَدْرسَة ؟! ..
مايْلِي : لا فِي الواقِع لَقدْ
ترْكتُها !! ..
وآندِي : حقّاً ؟! لمِاذا ؟! ..
مايْلِي : بِسبِب وفاةِ والدَيْ !! ..
وآندِي بِحُزن : ياللأسَف أنا حقّاً أنا آسِفَة , ولكِن ..
قالتها ثُم نظَرت لكَاي بغضَب :
أخبَرتَنِي فقطْ كيْف صاَرت مايلِي خادِمَة عِنْدكَ ولكِنّك لَم تُخبْرنِي
هذِه الأشْياءَ عنْها كيْف تَجرُوءُ علَى مُعاملتِها طُول هذِه المُدّة
هكذَا , ..
كآيِ : لا تُؤنّبيني الآن , نحْنُ مُتّفِقانِ أنَا ومايْلِي وهِي تعْمُل لِتُحافِظ علَى ..
وصَمت قبْل أن يتفوَّه بالحقْيقَة
ففهِمتْ مايِلي الأمْر
وتداركتْ بقُولِها : لا عليْكِ فحياتِي ليْسَت بهذا السُّوءْ ,
وأخذَت تُحدّث نفْسها :
" ذلِك المجنُون الثّرِي لَم يُخبِرها بأنهُ هددّنِي بأمْرِ
المطْعَم حتّى لا يظْهَر سيّئاً أمامهَآ "
وآندِي بِلُطف : مِن الجيْد أن يكُون المَرْءُ متفائلاً
وقويّاً بعْض الشّيءْ أُهنّئكِ علَى ذلِك ..! ..
مايلِي بخجَل : هذا مِن لطُفكِ شُكراً لكِ ..
خَرجَ الثّلاثةُ مِن الطْعَمٍ نَحُو الفُنْدقِ وجلسَوا هُناك يتناقَشُون حَول الحفْلَة :
كاي : كما تعْلمِين يجِبُ أنْ تَذهبِي بصفتكِ مُرافقَتِي
لذآ لَن تكُونِي خادِمةً أبداً سنُغيِّرُ بعْضَ الأشيَاءْ , أفهمْتِ ؟! ..
مايلِي : نعَم !! ..
وآندِي : سَوف نشْتَري فُستاناً وأدواتِ تجْميِلٍ مُناسِبة
وسأتكفّلُ بتَدريْبكِ لذَلِكَ اليَوُم وسُوف لَن نُغيّر اسْمَكِ
فقطْ شكلكِ وتذكَري ..
صَمتتْ قليْلاً ثُم قالَتْ :
تذكّرِي أنّهُ عِندَما تُسألِيْن عَن عُمركِ سَيكُون بمِثل
عُمر كاي وستكُونيْن قادِمَةً مِن لَنْدَن ,
حيْثُ والدِكِ صاحب فُندقِ هُناك ووالدَتُك صاحِبةُ
شَركْة تَجميْلٍ هُناك وأنتِ تٌخططِّيْنَ لِدراسةِ الفَنّ
وعَمل معْرضٍ فَنّي خاصٍّ بكِ !!
آهـ سيكُون اسْمَ عائلتكِ هارفَاردْ ...
مايلِي : ولكِن هَل لّي بسُؤالْ ؟! ..
وآندِي : ماذا ؟! ..
مايلِي : لمَآذا كُل ذلِك أعنِي تغيِير المظْهَر ؟! ..
سارعَ كايْ بالإجابَة : لأنّ والدِي سبَق وأنْ رأكِ ولتظْهَرِي كمُرافقةٍ حقيقيّة
لِي ..
رمَقَتهُ وآندِي بنْظرةٍ مُشكِّكَة
ثُم أرْدَفت : هُناك أشْياءٌ أُخرَى يجبُ معْرِفتُها
عَن طبيْعَة الحَفْل فِي الوآقِع إنّها ....
وبدأتْ وآندِي بسَرد نوعيّة الحفْلَة
لـمايلِي وكيْفَ ينبَغِي التّصرُفُ
فِي بعْضِ الموآقِف فيْه .
فِي النهايةِ غادرتْ مايلِي لِغُرفتِها لتسْتعِد للتّسُوق مَع
وآندِي تمام السّادِسة والنّصف مساءَ اليَوُم .
وحالما خَرجتْ مايلِي اختَفت ابْتسَامةُ وآندِي
ونظَرت لِكاي بجديّةٍ وقالَت : لما لَم تُخبِرها ؟! ..
كايْ : بماذا ؟! ..
وآندِي : أنْتَ تفْهَمُ يا كايْ ..
لما لَم تُخبِرها حقْيقَة الحفْلَة ؟! ..
كاَيْ : لا أُريِد لهَا أن ترَفُض
وآندِي وقَد انفعلَت : ماذَا وتُقحِمهُا فِي الأمْرِ هكذَا ؟!
ماذَا لَو تعَرّضتْ للأذَى ؟! .. تِلْك الفتاةُ مجْنُونَة ! ..
كايْ بتحدٍّ : لا تقْلَقِي ! إنّها فُرْصتِي
الثّميْنَة للتّخلُصِ منْ تِلك الفتاةْ ولَن أضيّعها ! .
نهاية الفصل السابع .
ما حقْيقَةُ الحفْلَة ؟! وما السّرُ الخطيْر خَلفْ كايْ ؟!
شخْصِيّةً فِي طريْقهَا للظُّهور فمَاذا تُخبّيءُ مِن مُفاجاتْ ؟!
* ريتز كارلتون : فندق حقيقي في مدينة
نيويورك ^^