في غرفة شبه مظلمة كانت تجلس على السرير تلف يديها على ساقيها المثنيتين وتسند رأسها المتعب على ركبتيها. رن هاتفها في يدها ..كانت ممسكة به طوال الوقت تنتظر مكالمة ..بيأس شديد .. نظرت الى شاشة الهاتف ...إنه هو .. هوالمتصل هذا ما حدثت به نفسها و هي تنظر الى اسمه في شاشة هاتفها المنيرة وسط العتمة المحيطة بها. هل أجيب الآن أم انتظر قليلاً كانت تتساءل و الشوق لسماع صوته يقتلها ... لا لحبه و إنما رغبةً في سماع إعتذاره.
توقف الهاتف عن الرنين ..وساد الصمت و العتمة في المكان و في قلبها أيضاً..حتى كادت تتوقف نبضاته...لولا رنين الهاتف ثانية انقذ روحها...تمالكت نفسها ..بالكاد تمالكت نفسها و أجابت: نعم. صوته إخترق المسافات: منيرة...قفزت واقفةو فتحت عينها بقوة إنه يناديها بإسمها المجرد...منيرة لم تسمع اسمها على لسانه منذ سنبن... و قبل ان تجيب عاحلها صوته: منيرة .. أنا آسف... وساد الصمت.
كان صمتاً ظاهرياً فأي شخص يقف مع منيرة في نفس الغرفة كان قادراً على سماع ضربات قلبها المتسارعة....آلاف الصور و الذكريات تراءت لمنيرة في تلك الثواني ..صوته الجهوري ..غضبه اللامتناهي ..عيناه المخيفتان الخاليتان من اي عاطفة..صفعات على وجهها ركلات و ألاف من الإهانات المباشرة وغير المباشرة كدستها في مخيلتها على مدى عشرين سنة مع أبو طارق. طارق..إيمان...دلال...أنور ... أبناءها الأربعة ...كل ما عاشت وما تحملت من أجله .. ظهروا لها في فلاشات سريعة سعيدة بعضها و أخرى حزينة..ثواني قليلة ... وفبل ان تتنفس و تبدأ بارقة أمل تنير عتمة حياتها أردف قائلاً: ورقة طلاقك بتوصلك بكرة بعد الظهر و العيال بيبقون معي صاروا كبار الحين ماعادوا بحاجة لك و أنا بأتزوج وحدة من قرايبي وبننتقل لمنطقة ثانية.
فقط ...أغلق الهاتف دون حتى أن تنطق حرفاً واحداً...دون أن يسمع رأيها...هكذا ركل عشرين عاماً بكل ما في الكون من إستخفاف أو جحود.
و توقف كل شيء الزمان ..الأصوات..انفاسها و حتى قلبها .. أنزلت هاتفها من يدها وو ضعته بهدوء على السرير....و رويداً..رويداً جلست على الأرض بلا تفكير او إحساس ... اي إحساس لقد إمتص منها هذا الكائن -أبو طارق- كل إحساس كان بداخلها..
نظرت للأمام بعينين فارغتين.. تذكرت بالضبط قبل عشرين سنة في هذه الغرفة تحديداً -غرفة سالم أخوها- عندما كانت تقف بفستانها الوردي الجميل البسيط بإنتظار خبيرة التجميل لتضع لها لمساتها الجمالية, وسط فرحة والديها و إخوتها يوم زفافها و قد أحاطت بها رائحة البخور و الضحكات ...فستانها الابيض كان بإنتظارها لتزف إلى قبرها دون أن تعلم!!
طرق بسيط على الباب إنه سالم: منيرة يلا العشاء ننتظرك, أمي تقول ما ناكل لين تجين...أجابت دون تفكير: طيب..طيب ألحين جاية. قامت بتثاقل من مكانها و كانها تحمل أطناناً على كتفيها...نظرت للمرآة..لا تريد لأحد أن يلحظ دموعها...أي دمع؟!! كانت عينيها خاليتين..ووجهها باهت بلا تعابير...هكذا كان وجهها الجميل منذ أول يوم وصلت فبه لمنزل عائلتها ...عندما أخبرت امها و إخوتها -كذباً-إنها ستبقى ليومين فقط للعناية بوالدتها الأرملةو المريضة و بحجة انها إشتاقت لعائلتها ...لم تكن تريد إخبارهم بأنه طردها من المنزل ساحباً إياها مع شعرها...واطئاً بقدمه على كل الذكرى و العشرة و السنين.. وأي ذكرى أو عشرة!!!
لم تستطع وضع لقمة في فمها .. كانت تفتعل الأحاديث و تنظر هنا و هناك تسكب الماء لوالدتها أو تغرف مزيداً من الطعام لأخيها أو تقطع فواكة...فجأة قالت لأخيها سالم: اليوم بترجع لغرفتك يا سالم .. وأنا بأنام مع أمل بغرفتها ..خلاص إن طولت أكثر من كذا حمود بيرميك أنت و قشك برا غرفته. إبتسم سالم..موافقاً رغم إنه قال مجاملاً: لا عادي تقدرين تقعدين فيها..لكنها أصرت و امل كانت سعيدة بذلك, بعد العشاء جلس الجميع ..كل منهم يتسلى بهواية بينما والدتهم استأذنت لغرفتها لتصلي ركعتين قبل النوم ..منيرة حملت كتاباً..لمدة ساعتين لم تقلب الصفحة..
عند الحادية عشر ..دخلت منيرة غرفة أمل تحمل فراشاً صفيراً ووسادة وضعتها على الأرض و نامت فوقها...أسرعت امل طالبةً منها النوم على السرير فمن غير المعقول أن تنام أختها الكبرى على الأرض ..لكن مع إصرار منيرة, نام الجميع ...كلٍ في مكانه.
منيرة أصرت أن تنام على الأرض لأنها تعلم إنه سيكون هذا مكانها و إلى الأبد فليس لها عودة لذلك الجلاد الذي رماها بعد كل السنين و كأنها لاشيء.
يا ليل منيرة ... كيف يمكن أن تكون...مطلقة..هكذا ستكون و إلى الأبد ..مطلقة. لم يكن ذلك ما يشغل بالها كثيرأ..لقد كانوا أبناءها من إحتلوا تفكيرها.. أنور ذو الثمان سنوات بهجة فلبها و مصدر سرورها..من سيوقظه صباحاً و يعد له إفطاره و يمسح رأسه عند مرضه و يحتضن رأسه عندما يضطجع لمشاهدة الرسوم المتحركة.. دلال...ذات الأثني عشرة عاماً من سيسرح شعرها و يضع لها دبابيس ملونه من سيضمها عندما تبلغ ...تماماً كما حدث مع إيمان... آآآه إيمان ..ذات الستة عشر ربيعاً..من سيرفع سماعات الأذن خاصتها من أذنيها و يغطيها و هي نائمة من سيختار لبسها و زينتها, من سيحدثها عن الحب و الحياة.. طارق ..الشاب الوسيم ..أول فرحة في حياتها البائسة بالكاد أكمل التاسعة عشر هو على وشك الدخول للجامعة يريد التخصص في إدارة الاعمال..من سيكون معه أول يوم في الجامعة ... ليوم الذي لطالما حلمت به ..تحضر له شماغة , تبخره , تحصنه بالأدعية و الأذكار و يقبل يدها قبل خروجه .... و كانها تزفه في يوم عرسه!!
والدتها ...المرأة الأرملة العجوز المريضة...كيف ستتقبل الخبر ...إخوتها ..أقاربها و كل البشر ...هي لم تشتكي يوماً لمخلوق ..حتى أبناءها كانت تجيد إخفاء الأمر عنهم ..ماذا تقول ؟ بماذا تبرر؟ كيف ستشرح لهم الأمر ؟ و من سيصدقها؟؟
أفكار و أفكار...و مزيد من الأفكار...لكن و لا دمعة واحدة سقطت من محجرها ...لتبرد ناراً مستعرة إشتعلت في روحها المعذبة ..في قلبها السجين.
و أخيراً ...إرتفع صوت آالفجر ..فإنتفضت من فراشها مسرعةً للوضوء و كأنها كانت تنتظر الخلاص من ذلك الكفن المدعو فراشاً... عند خروجها من دورة المياة قابلت والدتها ..كانت تيقظ ابناءها للصلاة..ابتسمت إبتسامة سريعة و اسرعت الى مجلس النساء لتصلي وحدها ..دون حتى أن تقبل جبين والدتها!
إستقبلت القبلة و صلت فرضها و أتبعتها بالنافلة و جلست منيرة الصغيرة خائفة حزينة وحيدة بين يدي جلالته ...تبث همها إليه بصمت كالعادة...فمعه ليست بحاجة للكلمات أو الحروف..بكت و بكت و بكت بصمت أيضاً...لها مع الله عهد لم تقطعه أن تصبر و ان يجزيها خير ما صبرت... بكت منيرة بين يدي ربها حتى كاد يجف دمع الدنبا بأكملة,,تبللت يدها و حجابها ... بصمت يا منيرة بصمت..كانت تحدث نفسها خشية أن يسمع بكاءها أحد من عائلتها ... حتى متى ستخفينه يا منترة؟؟كانت تسأل نفسها... "حسبي الله و نعم الوكيل" الكلمة الأولى التي أخرجتها من بين شفتيها التي لطالما أغلقتها ...أول مرة تتلفظ بها بين يديه سبحانه..
بقيت مكانها لساعتين تناجي ربها تطلبه الستر و الصبر ...تسأله العون فما خاب من إستعان بالقوي العزيز. غلبها النعاس أخيراً...فلفد امضت أياماً واجمةً حزينةً, بلا نوم او طعام!!
بعد عدة ساعات ...وبالذات بعد صلاة الظهر إستيقضت على صوت أخيها الاكبر الدافئ:منيرة حبيبتي , قومي و انا أخوك أباقول لك حاجة مهمة!!
إعتدلت منيرة في جلستها .. مازالت في غير و عيها الكامل ...إقترب أخوها منها و جلس بجوارها ...ركبته ملاصقة تماماً لركبتها و اضعاً كلتا يديه على كتفيها و كأنه يريد أن يضمها و هي تنظر للأسفل...قال لها بهدوء و دفء: منيرة حبيبتي , أدري أنك حرمة عاقلة و صاحبة دين ..و أنا أخوك أبيك تذكرين الله... رفعت منيرة عينيها و حدقت في عيني أخوها الشديدتين الشبة بعيني والدها رحمه الله .. تغيرت ملامحها و اضطربت أنفاسها ..وكانها طفلة صغيرة بين يدي والدها .. رمت رأسها المتعب على صدر أخيها..و نزلت من عينيها دمعتين أسف ساخنتين.. وضع يده على رأسها و ربت عليها قائلاً: أذكري الله.. قولي لا إله إلا الله...إنا لله و إنا له راجعون... استغرب أخوها ردت فعلها الحزينة و السريعة.. بلطف أبعد رأسها عنه و نظر إلى عينيها الدامعتين...قائلاً: أحد كلمك اليوم..هزت رأسها بالنفي . أردف قائلاً: اليوم الصباح ..أبو طارق إنتقل لرحمة ربك في حادث مروري بسيط وهو رايح للدوام.
_تمت بحمد الله و فضله_
أولى إنتاجاتي وبنات أفكاري ..لاتبخلون علي بردودكم ...آراكم& إنتقاداتكم تهمني كثير..
و أنا أختكم.. اللي عجبكم و اللي ماعجبكم .. أخطائي ... هفواتي..
حجــز وااااااااااااهـ اولـ رد و أولـ رد ياااااييي اولـ رد بموضــوع مميز لصديقتـي
تدايماآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ,, رجعت و ياريتني ما رجعتـ..
احم احم اول شي لازم تعرفي انو انا اخر مرة رح افوت على موضوع بيخصك تهئ هئ..
لأنو قلبي تحطم :( حرام عليكي يا شيخة والله تعبت نفسيتي من النهاية
لماذا شيري لماذا لم تكن النهاية سعيدة؟<خلصتي فلسفة؟!
خخخخخخخـ بمزح معك يا قلبي ما بستغني عن مواضيعك انا .
يلا خليني اعلق..
الصراحة القصة القصيرة صحيح هي قصيرة بس وربي لما اتذكرت السنين الماضية حسيتها
20 سنة فعلاً .. و حسيت انو قصتها طويلة ما حسيت اني عم بقرا مجرد قصة.
طريقتك بالكتابة كتير عجبتني حبيبتي .. و مؤثرة ما شاء الله عنكـ..
قصتك أثرت فيني و بشدة ..
مش عارفة شو احكي حزنت عليها لما اتذكرت اولادها .. و صارت تتذكر فيهم واحد واحد..
و عجبني إنو اسمي بالقصة و هاد شرف كبير إلـي
هممـ عجبنــي حنانـ اخوها معها الله يخليهم لبعض<والله مجرد قصة مش حقيقة
الله يرحمهـ ابو طارق.. ما بدي اشمت
(اللهم لا شماتة)بس بيستاهل<ما شمتي ابداً>قاسية القلب
يعطيكي العافية اوني وربي انتي خطيررة و قصتك عجبتني و بتستحقي تقييم على مجهودك القيَم ..
إقبلي مروري<فعل امر هاهاهاههاها
هممـ تقبلي مروري<طلبـ
يلا جانآآآآ....
تدايماآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ,, رجعت و ياريتني ما رجعتـ..
احم احم اول شي لازم تعرفي انو انا اخر مرة رح افوت على موضوع بيخصك تهئ هئ..
لأنو قلبي تحطم :( حرام عليكي يا شيخة والله تعبت نفسيتي من النهاية
لماذا شيري لماذا لم تكن النهاية سعيدة؟<خلصتي فلسفة؟!
خخخخخخخـ بمزح معك يا قلبي ما بستغني عن مواضيعك انا .
يلا خليني اعلق..
الصراحة القصة القصيرة صحيح هي قصيرة بس وربي لما اتذكرت السنين الماضية حسيتها
20 سنة فعلاً .. و حسيت انو قصتها طويلة ما حسيت اني عم بقرا مجرد قصة.
طريقتك بالكتابة كتير عجبتني حبيبتي .. و مؤثرة ما شاء الله عنكـ..
قصتك أثرت فيني و بشدة ..
مش عارفة شو احكي حزنت عليها لما اتذكرت اولادها .. و صارت تتذكر فيهم واحد واحد..
و عجبني إنو اسمي بالقصة و هاد شرف كبير إلـي
هممـ عجبنــي حنانـ اخوها معها الله يخليهم لبعض<والله مجرد قصة مش حقيقة
الله يرحمهـ ابو طارق.. ما بدي اشمت
(اللهم لا شماتة)بس بيستاهل<ما شمتي ابداً>قاسية القلب
يعطيكي العافية اوني وربي انتي خطيررة و قصتك عجبتني و بتستحقي تقييم على مجهودك القيَم ..
إقبلي مروري<فعل امر هاهاهاههاها
هممـ تقبلي مروري<طلبـ
يلا جانآآآآ....
أهلين عزيزتي...ايش الرد الجميل هذا و حاطة خلفية بعد..حاسة بالإطراء أنا ألحين!!
إتشرفت بوجودك ... و سوري إذا حزنتك القصة.. حبيتها تكون شيء من واقعنا .. سعيدة بوجودك لاعدمتك يا إحلى هوبي
عاصفة في قلب كسير 00(قصة قصيرة)
.gif){kind=icon}
رد: عاصفة في قلب كسير 00(قصة قصيرة)
اولـ رد و أولـ رد ياااااييي اولـ رد بموضــوع مميز لصديقتـي 
العرض العادي
